رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
السقوط المدوّي للقناع


المشاهدات 1227
تاريخ الإضافة 2025/08/18 - 9:54 PM
آخر تحديث 2025/08/20 - 9:38 AM

قامت الدنيا ولم تقعد بَعْدُ، وجاءت ردود الفعل الغربية شاحبة ومستنكرة لإستقبال الرئيس الأمريكي ترامب نظيره الروسي بوتين في ولاية ألاسكا الأسبوع الماضي، وتعالت الأصوات مندّدة باستقبال شخصية سياسية مطلوبة من دولياً، وبالطبع لم نشهد هبّة مماثلة لمّا تعلّق الأمر برئيس حكومة الإحتلال نتنياهو . وبصرف النظر عن وجاهة التهم الموجّهة إلى الرئيس الروسي وعن مدى توظيف العدالة الدولية من طرف بعض القوى الغربية النافذة، فإنّ ما يُؤخذ على بوتين هو أكثر الأفعال شيوعا لدى قادة دول الغرب الليبرالي وعلى رأسه أمريكا. ولسنا في حاجة إلى تعداد قائمة الانتهاكات التي قامت بها هذه الدول ضدّ دول وشعوب عدّة في كلّ العالم، والعدوان على العراق مثال صارخ على ذلك، وهي، كما هو معلوم، أفعال تمّت كلّها خارج قرارات الشرعية الدولية. تحرّكت إذن ماكينة الغرب تحت عنوان “التحالف الطوعي“ المساند لأوكرانيا، ويضمّ دولا أوروبية عضوة في حلف الناتو زائد بريطانيا وكندا وأستراليا، لمحاولة إجهاض “المساعي الأمريكية لإحلال السلام “بين روسيا وأوكرانيا، وللتأكيد على أنّ السبيل الوحيد لإحلال السلام هو الدفع بإتّجاه إلحاق الهزيمة بروسيا ، بما جعل من هذا التحالف أداة رئيسة للحرب والدمار المستقبلي. وبلغ هذا الهوس بالحرب درجة قصوى، حتّى إنّ بعض قادة دول الغرب الليبرالي الأوروبي تحديدا لم تعد لها أجندات داخلية وطنية ونشاط معلن عدا الإستغلال على توظيف المسألة الأوكرانية والسعي المحموم لرفع “المظلمة” عن شعب بعناوين مختلفة، منها درء الخطر الروسي على أوروبا والإنتصار للديمقراطية الليبرالية ضدّ “الفاشيات الحديدة” . وكان من الممكن أن يستهوي هذا الخطاب الرأي العام الدولي عموما، لولا أنّ الكلّ وقف منذ أحقاب على سياسة تعدّد المكاييل التي تتعامل بها دول الغرب الليبراليون مع قضايا العالم الأخرى، حيث أصبح القانون والقضاء الدوليان أدوات طيّعة بأيدي هذه القوى النافذة في العلاقات الدولية. وإنّ المتمعّن في مجريات الأمور يلاحظ مدى الخبث في التعاطي مع المنظومة القانونية والقضائية والقيمية التي نشأت بعد الحرب الكونية الثانية، فهي مقدّسة وصالحة فقط متى توافقت مع أهداف الغربي الليبرالي، وهي مدنّسة ومهمّشة كلّما تعلّق الأمر بقضايا خارجة عن أجنداتها، وأكبر الأمثلة تجسيدا لبشاعة هذا التوظيف المقيت هو كيفية التعامل على مدى التاريخ مع القضية الفلسطينية. وإنّ الأرقام تكشف وحدها انتهازية الغرب الليبرالي في التعاطي مع العدوان المتكرّر للكيان الصهيوني ضدّ فلسطين وأهلها، ورغم أنّ مجلس الأمن الدولي أصدر حتى 2023 أكثر من 130 قرارا ، وكذلك الجمعية العامة للأمم المتّحدة 154 قرارا ضدّ كيان الإحتلال، فإنّ كلّ هذه القرارات بقيت حبرا على ورق، وذلك لغياب الإرادة الدولية في إدانة الغاصب للأرض منذ أزيد من ستّة عقود ، وبعد كلّ هذا يريدون منّا الإقتناع بأنّ هذا الغرب الليبرالي نسي كنهه الإستعماري وانبرى مدافعا عن الديمقراطية وحقوق الشعوب في الكرامة  والحرية.. إنّ هذه الحيل لم تعد تنطلي على أحد ؟! 


تابعنا على
تصميم وتطوير