رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
طريق الزوايا والتكايا


المشاهدات 1308
تاريخ الإضافة 2025/08/17 - 9:23 PM
آخر تحديث 2025/08/20 - 5:11 AM

بعد أن اجتزتُ عتبة كلية الدراسات الإسلامية، الواقعة في شارع منحدر يؤدي إلى السوق القديم في قلب سراييفو، صعدتُ السلَّم الحجري الطويل، حتى بلغتُ باباً خشبياً ذا طلاء داكن، كُتب أعلاه اسمُ الكلية، وعلى جانبه وضعت لوحةٌ حجريةٌ بيضاء نُقشت عليها الآية الكريمة « مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ». كما وردت إشارة إلى إعادة إعمار مبنى الكلية عام 1998 على نفقة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر السابق. وهذا يدل على أن هذا المبنى العريق قد تعرض لأضرار جسيمة خلال حرب البوسنة، نتيجة القصف والقنص المستمرين على المدينة، وحصارها الذي استمر نحو ثلاث سنوات وعشرة أشهر، وهو أطول حصار لعاصمة في التاريخ الحديث.فتحتُ الباب، فإذا بي في رواق واسع تحيط به غرف الموظفين وقاعات التدريس. وفي نهايته بضع عتبات تقود إلى باحة عُليا مهيأة للاستراحة وتناول المرطبات والشاي والقهوة. وعلى الجهة اليسرى كان أحد الموظفين في غرفته، منهمكاً في عمله. ألقيتُ عليه السلام، فأجابني بكلمات ترحيبية تدل على إلمامه باللغة العربية، وعرّفني بنفسه بلطف : عبد الرحمن حجيج. سألته أن يدلّني على أحد أساتذة الكلية ممن يجيدون العربية، فاصطحبني إلى الطابق الثاني من المبنى حيث تقع فيه غرف الأساتذة. كانت أغلب الغرف خالية بسبب انشغالهم بموسم الامتحانات، والتقينا في الممر بأستاذة ألقت علينا التحية، ووقفت معنا لحظات مرحبة، ثم غادرت مسرعة لانشغالها، بعد أن طلبت منا التوجّه إلى الغرفة قبل الأخيرة في الممر الطويل، حيث سنجد ضالتنا. هناك كان اللقاء مع الدكتورة زهرة عليسباهيتش، أستاذة اللغة العربية ومساعدة العميد للشؤون العلمية، التي رحّبت بنا بحرارة، وقدّمت لنا شرحاً موجزاً عن الكلية التي تُعَدّ واحدة من أهم مراكز التأهيل والبحث والتدريس في مجال العلوم الإسلامية في أوروبا، والتي تميّزت بقدرتها على التوفيق بين الدراسات الشرعية والعلوم الحديثة. الدكتورة زهرة أنهت دراستها الجامعية الأولية في اللغات الشرقية من كلية الفلسفة بجامعة سراييفو، ثم حصلت على شهادة الماجستير من جامعة محمد الخامس في الرباط، قبل أن تنال الدكتوراه عام 2014 من كلية الدراسات الإسلامية بجامعة سراييفو، التي تشرف عليها أيضاً المشيخة الإسلامية باعتبارها جزءاً من منظومة التعليم الإسلامي الرسمي في البوسنة والهرسك . قدمتُ للدكتورة عليسباهيتش نسخة من كتابيّ « الأيام الإسطنبولية»، و «حكاية الدرويش والحلّاج» هدية لمكتبة الكلية، ورجوتها أن تدلّني على طريق الزوايا والتكايا في سراييفو، تنفيذاً لخطة رحلتي إلى البلقان. فأرشدتني إلى الشيخ سعد خليلاغيتش الذي يدير زاوية سنان. وهي من أقدم زوايا الطريقة القادرية في البوسنة والهرسك . 


تابعنا على
تصميم وتطوير