لم يكن مفاجئًا بالمرة أن يقدم الاحتلال الإسرائيلي على قتل دفعة جديدة من الصحافيين الفلسطينيين من خلال قصف خيمتهم في غزة، مما تسبب باستشهاد ستة منهم. ولن تكون جريمة الحرب الأخيرة التي تقترفها إسرائيل.. لم تكن الجريمة مفاجئة لأن المجرم طبع بشكل كامل ومطلق مع اقتراف هذا النوع من جرائم الحرب من حوالي سنتين، ولم يواجه نهائيا بأي شكل من أشكال الردع من المجتمع الدولي، اللهم عبارات التنديد والاستنكار التي ما يكاد يجف الحبر الذي كتب لها حتى تسارع قوات الاحتلال إلى اقتراف جريمة أخرى. ولذلك لم يكن غريبا أن تقتل قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 200 صحافي فلسطيني والمئات من أفراد أسرهم ، بما يمثل رقما قياسيا غير مسبوق في تاريخ النزاعات في العالم.. كل هذا لم يكن مفاجئا على الإطلاق، فقوات الاحتلال الإسرائيلي مسنودة بقوى الشر في العالم ماضية في اقتراف جرائم الحرب و الإرهاب والتطهير العرقي في غزة، وأي شكل أو نوع من الجرائم التي تقدر أنها مناسبة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة، والتي لا تتوقف على تصفية المقاومة الفلسطينية في غزة، بل تطال إسقاط السلطة الفلسطينية في الضفة و إنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد .
ما كان مفاجئا حقا في اقتراف هذه الدفعة الجديدة من إرهاب الدولة وجرائم الإبادة هو التبرير الذي دفع به سفير أمريكا لدى إسرائيل السيد مايك هوكابي. فبعد أن خاطبه الصحافي البريطاني الشهير بيرس مورغان في برنامج بث على قناة الصحافي على اليوتوب بالقول إن الجيش الإسرائيلي استهدف عمدا مجموعة من الصحافيين في خيمتهم في غزة، واتضح أن الصحافي أنس الشريف ليس إرهابيا، فإن ذلك يمثل جريمة حرب. رد الدبلوماسي الأمريكي مبررا الجريمة النكراء بوجود صور قديمة للصحافي وهو يعانق رئيس حماس أمام الكاميرات .
إن تبريرا من هذا القبيل يكشف أن الدبلوماسي الأمريكي لم يجد ما يبرر به الجريمة النكراء، ثم متى كان التقاط صور مع جهات مشبوهة مبررا لاقتراف جرائم القتل و الاغتيال ؟ ألم أمريكا نفسها مع جهات كانت تصنّفها إرهابية ، وخاضت ضدها حروبا ، وبعد ذلك، وبدون مقدمات التقطت معها عشرات الصور، وتسابقت كاميرات القنوات التلفزية على توثيق جلسات الحوار و المفاوضات التي انتهت باتفاقات مقايضة أنهت العداء بين الولايات المتحدة الأمريكية .
تبرير المسؤول الدبلوماسي الأمريكي للجريمة النكراء عنوان آخر من عناوين التواطؤ المكشوف مع جرائم الحرب و الإبادة و التطهير العرقي والإرهاب التي تقترفها القوات الإسرائيلية، وإن الإدارة الإمريكية لم تعد تجد أي حرج منذ حوالي سنتين من بداية العدوان المهجي على غزة في إعلان هذا التواطؤ رغم تغيير في قمة هرم الإدارة الأمريكية، و رغم تغيير الحزب الحاكم، فإن هذا التواطؤ أصبح عقيدة أمريكية تديرها الدولة العميقة في بلاد العم سام .