القضاء العراقي هذا السور العالي يقف في كل مرة بوجه كل محاولات النيل من قيم المجتمع وأخلاقه، إذ انه أطلق تحذيره الواضح للمرشحين في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وخصوصا في الحملات الانتخابية التي هي ليست ساحة للفوضى ولا منبرا لتمرير الابتذال تحت عنوان الحرية.
الانتخابات في جوهرها هي مساحة لتلاقح الأفكار والتنافس الشريف بين جميع المرشحين، وليست عرضا عابرا لجذب الأنظار بأي وسيلة حتى إن كانت على حساب الذوق العام، وهنا يتجلى دور القضاء العراقي كدرع حصين يحمي قواعد اللعبة الديمقراطية، ويضع حدودا لا يسمح بتجاوزها.
هذا الموقف لا يحمل فقط رسالة ردع بل يرسل إشارة أعمق، إذ ان الأخلاق في العمل السياسي ليست ترفا بل أساسا لا تستقيم العملية الانتخابية بدونه، فالمجتمع الذي يتساهل مع الانحرافات الأخلاقية في ساحات السياسة إنما يفتح الباب واسعا أمام انحدار المعايير وضياع الهيبة.
وعلى المرشحين أن يدركوا أن احترام القانون والأعراف هو أول امتحان لهم أمام جمهورهم، وأن مَن يستهين بهذه القيم قد يربح ضجة مؤقتة لكنه يخسر احترام الناس وثقتهم.
القضاء العراقي اليوم لا يحرس النصوص القانونية فحسب بل يحرس صورة الوطن أمام شعبه والعالم، وحين يقف في وجه الابتذال فإنه لا يدافع عن موسم انتخابي فقط، بل عن هوية مجتمع وكرامة أمة ومستقبل أجيال.