عقد في ستوكهولم/ عاصمة السويد يوم الاثنين 28/7/2025 لقاء مطول بين مسؤولين اقتصاديين من أمريكا والصين، واستغرق اللقاء أكثر من خمس ساعات، في محاولة لمعالجة الخلافات الاقتصادية التي تقف وراء الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين عالميتين، وسط جهود لتمديد الهدنة التجارية لثلاثة أشهر إضافية. ووسط تصاعد الضغوط والرهانات على اجتماع قمة مرتقب بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ.
إن هذا الاجتماع هو محاولة الولايات المتحدة التنازل إلى الصين بطريقة حفظ ماء الوجه أمام العالم، بدليل أمريكا مارست هيمنة أحادية القطب لعقود من الزمن، لكن صعود الصين فرض عليها التعامل بمنطق التعددية القسرية، لذا تجلس مع الصين لتقسيم العالم بشكل ضمني!.
إن العلاقة بين أمريكا والصين قائمة على التعاون في مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة مثلا: شركة آبل تعتمد على تصنيع آيفون في الصين، بينما تستفيد الصين من التصدير، وعلى التنافس في مجال التوسع العالمي.
وهذا التناقض في العلاقة يؤدي إلى حتمية فشل العلاقة لأن الصراع الامبريالي قائم على إعادة تقسيم العالم، وهو ما يحدث عبر حروب الوكالة في (الشرق الأوسط، أوكرانيا، تايوان). وهذه الحروب ليست أخطاء سياسية وإنما طريقة لإعادة تدور رأس المال، والفقراء في هذه البلدان هم وقود هذه الحروب عبر تهيئة: أولًا/ العاطلين عن العمل والعاملين ضمن أجور منخفضة. ثانيًا/ الهجرة القسرية للشباب مثل عمال الشرق الأوسط إلى دول أخرى لتعويض نقص العمالة الرخيصة. لذا الصين تتقدم بشكل متسارع اقتصاديًا حول العالم، بينما أمريكا اقل منها. وبالتالي؛ فشل أي معالجة للخلافات. بدليل آخر: تمديد الهدنة التجارية بين الصين وأمريكا (٣) أشهر ليس تفاهمًا بل مهلة لإعادة ترتيب المواجهة، كما حدث قبل حرب أوكرانيا عام ٢٠٢٢.
تستخدم الصين أدوات «سلمية» ظاهريًّا (مشروع الحزام والطريق، إغراق الأسواق بسلع رخيصة لاستغلال مضاعف للطبقة العاملة في المجتمع) لإنشاء تبعية اقتصادية للدول النامية مثل اتفاقيات الديون الصينية مع أفريقيا، وتكون روسيا جهتها المسلحة لحماية مشروعها وتوسعها ومواجهة أمريكا، وبالتالي يخلق التخلف في المجتمع.
أما أمريكا فهي تستخدم: أولًا/ الأدوات العسكرية والاقتصادية (العقوبات وحلف الناتو والحروب والدولار). لضمان تدفق الفائض الاقتصادي إليها. ثانيًا/ القوة الناعمة (الثقافة والتعليم وفق منهجها، الاستثمارات التكنولوجية). ثالثًا/ صناعة السلاح تُنعش الاقتصاد الأمريكي وتُجنِّب الأزمات الدورية للرأسمالية مثل شركة لوكهيد مارتن، حيث ازدادت مبيعات السلاح الأمريكي ٤٠٪ منذ حرب أوكرانيا.
رابعًا/ تدمير البنى التحتية (كما في أوكرانيا) يفتح أبواب إعادة الاعمار، أي استثمارات جديدة لرأس المال مثل شركة بلاك روك. وبالتالي؛ أما ثقافة مشوهة في المجتمع أو تخلف.
ومما تقدم يؤكد لنا فشل هذا الاجتماع، وتبدأ مرحلة السلاح، لذا سوف تندلع الحرب مجددًا بين إسرائيل وإيران، وتشتد الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومن المحتمل الصين وتايوان. إضافة إلى اندلاع النزاعات المسلحة داخل بعض الدول بالشرق الأوسط، مثل اليمن، ليبيا، سوريا، العراق. لاستنزاف فائض أموال هذه الدول لصالح شركات النفط وشراء السلاح الغربي وتغيير بوصلة الموالاة من محور لآخر. وبالتالي؛ تعمق الفساد المالي والإداري وتشوه الفكر الإنساني في المجتمع.