يجدد العراقيون في مثل هذه الأيام من كل سنة، عهود المحبة والولاء لسيد الشهداء الامام الحسين وأهل بيته «عليهم السلام» وصحبه العظام الذين سطروا أرفع ملاحم التمسك بالمبادئ ورفض الظلم، ويسير العراقيون على نهجهم لي بذلوا الغالي والنفيس وبصبر عظيم وثبات من قطع النظير، مبهرين العالم بكرمهم وتعاونهم وصبرهم على الأذى والتخرصات العدوانية.
يتعاون العراقيون سنويا بمختلف مكوناتهم في احياء ذكرى أربعينية الامام الحسين «عليه السلام» ليهيئوا لمن يسير نحو كربلاء قبلة الشهداء، كل مستلزمات العناية من طعام وشراب و علاج ومبيت، ويبدعون سنويا في تطوير وزيادة ما يقدمونه من خدمات حتى صار الكرم العراقي وتعاون العراقيين مضربا للامثال، حيث تشكل المساهمة الشعبية الطوعية الجزء الأكبر من عملية احياء الذكرى التي تستمر أياما عدة يتدفق خلالها ملايين المشاة الى ضريح الامام الحسين «عليه السلام»، قادمين من شتى أطراف الوطن بالإضافة إلى ملايين الزوار الأجانب.
إن الزيارة الاربعينية تقدم أبهى صور الوحدة المانية والمجتمعية في العراق الذي تتعايش مكوناته بمحبة، فلا يتخلف عن ركب الحسين شيعي او سني او مسيحي او ايزيدي ولا عربي او كردي او تركماني، وتثبت الزيارة الاربعينية إن العراق بلد آمن مستقر يستحق زيارة الأجانب والاستثمار فيه ولديه قوات وأجهزة أمنية فعالة ومنضبطة وقادرة على إدارة هذا التجمع المليوني الفريد من نوعه على مستوى العالم بكل سلاسة وانسيابية. كما تقدم الأجهزة الخدمية أداء متميزا ارتفعت به الحكومة الاتحادية هذه السنة الى مستوى متقدم جدا عبر الاستعدادات المبكرة وتقديم التخصيصات المالية المناسبة.
عظمة الاربعينية ودورها في توحيد العراقيين تستحق بذل مزيد من الجهد للارتقاء أكثر بها، ومن ذلك تأسيس مسارات ثابتة للمشاة على الطريق الى كربلاء فيها خدمات أكثر استقرارا وتقدما واستمرارية، ولا تتقاطع مع الحاجات اليومية للطرق العادية، ليكون مسار المشاة الى كربلاء طريقا استثنائيا يدخل في المدونات التاريخية كصرح خدمي وعمراني وعقائدي، يمثل ردا على ظلم الطغاة الذين حاولوا بشتى الوسائل الاجرامية والخبيثة محو ذكر هذه الشعيرة العظيمة التي تحث على الالتزام بالقيم الإنسانية العليا والمطالبة بالعدل ورفض الظلم والفساد، وبذل الدماء والانفس في مقاومة الحكام الفاسدين الذين يقتلون الأبرياء ويستولون على المال العام الإكتنازه في خزائنهم وصرفه على ملذاتهم بينما يعاني عامة الشعب من شظف العيش.
هنيئا للعراقيين كلهم لأنهم يحيون شعائر الرفض للظلم ويتمسكون بالقيم النبيلة ويتقبلون الشهادة في سبيل العدل، وتعسا لكل ظالم سارق أفاق منافق تحت أي شعار عمل وبأي ستار إستتر.
وختاماً: نتمنى أن تجرى الانتخابات البرلمانية القادمة بيسر وسلام، بعيدا عن كل مظاهر العنف والاصطدام، وأن تحسن اختيار المرشحين النزيهين ممن يلتزمون بمحاربة الفاسدين لتكون حقا من السائرين على طريق الحسين (ع) سيد الشهداء والمصلحين.