رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
كريمة كاظم السعدي موهبة متعددة جمعت بين الشعر والقصة والفن


المشاهدات 1113
تاريخ الإضافة 2025/08/06 - 9:42 PM
آخر تحديث 2025/08/07 - 11:26 AM

في عالم تتقاطع فيه الحكاية مع اللون، والكلمة مع الحركة، تقف كريمة كاظم السعدي  بوصفها نموذجاً نادراً لمبدعة عربية جمعت بين الشعر والقصة والمسرح والفن التشكيلي والخط العربي، في توليفة تنسجم مع رؤيتها الإنسانية والجمالية.
 في هذا التحقيق، نقترب من عوالمها المتعددة، نكتشف كيف شكّلت الطفولة نقطة الانطلاق، وكيف تغذّى الإبداع من بيئة خصبة بالتجربة والمكابدة. 
حديث يفيض بالشغف، والصدق، والكشف عن هوية فنية لم تستسلم لحدود النوع، بل صنعت لها فضاءً حراً ومسئولا.
* من العراق إلى الإمارات نحييك أخت كريمة ونفتح المجال رحبا إمامك للحوار حول إبداعاتك ومسيرتك.
ــ أهلا ومرحبا بكم وببلدي الحبيب .
* تنوعت تجاربكِ بين الشعر والقصة والمسرح والتشكيل والخط، كيف تنسجم هذه الفنون المختلفة في رؤيتكِ الإبداعية؟
ــ عندما يولع الإنسان بشيء، يبدع فيه. وقد كان ولعي منذ الطفولة بالقراءة، والشعر، والقصة، والمسرح. 
كنت أبدأ يومي الدراسي بقراءة قصة أو مجلة أو صحيفة. كان أخي عماد مشتركًا في مكتبة قريبة من بيتنا، وكانت تصلنا أسبوعيًا المجلات والكتب، ونتداولها بين أفراد العائلة بلهفة. بدأت علاقتي باللغة العربية من خلال تلاوة القرآن الكريم وحفظه، مما منحني رصيدًا لغويًا ثريًا، وساهم في بناء لغتي وصياغتي. قرأت مختلف الكتب في التاريخ والفن والفلسفة والثقافة، وكان لذلك أثر عميق في تكويني الأدبي. عشقت الشعر، وتأثرت بالمتنبي، وأبو نواس، والسياب، والجواهري، ونازك الملائكة، ونزار قباني، ومظفر النواب، وغيرهم من أعلام الشعر.
أصدرت سبعة دواوين شعرية تنوعت بين العمودي، والتفعيلة، والحر، وترجمت قصائدي إلى لغات عدة منها: الإنجليزية، الألمانية، الإسبانية، الكردية، والتركية. كما ترجمت ثلاثة دواوين كاملة إلى الإنجليزية والألمانية، مستفيدة من كوني خريجة قسم اللغة الألمانية، وحاصلة على دبلوم في اللغة الإنجليزية. أما في القصة، فقد كتبت أكثر من 200 قصة للأطفال، تناولت مواضيع تعليمية، وتربوية، وأمنية، واجتماعية، صدرت في مجلات عراقية وعربية، وترجمت بعضها كذلك. المسرح أيضًا كان جزءًا من مشواري، فكتبت وأخرجت عدة مسرحيات، خصوصًا للطفل، وهي تجارب شكلت نسيجًا متكاملًا من التعبير الإبداعي لدي.
* قدّمتِ دواوين شعرية تُرجمت إلى عدة لغات، ما الذي تضيفه الترجمة إلى قصائدك؟ وهل تعتقدين أن الجوهر الشعري ينجو من النقل اللغوي؟
- الترجمة منحت قصائدي أفقًا عالميًا، وساعدتني على الوصول إلى جمهور لا يتحدث العربية. الجوهر الشعري، برأيي، يكمن في المعنى الذي تحمله الكلمة، وفي المشاعر التي تلامس وجدان القارئ، مهما اختلفت اللغة. حين تصل الكلمة بصدقها إلى القلب، تترك أثرًا عميقًا، وهذا ما لمسته من تفاعل الجمهور في أمسياتي الشعرية.
* من خلال مشاركاتكِ في لجان تحكيم محلية ودولية، كيف تقيّمين مستوى الإبداع لدى الأجيال الجديدة؟ 
- الأجيال الجديدة فيها طاقات واعدة، لكن تحتاج إلى المزيد من التوجيه والتشجيع. هناك من يتميزون فعلًا، لأنهم اختاروا طريق القراءة، وتطوير الذات، والإبداع، لكن الأعداد لا تزال محدودة. الدور الأكبر يقع على عاتق الأسرة والمعلم في دعم الموهبة منذ الصغر، تمامًا كما فعل أهلي ومعلميني الذين أشكرهم لفضلهم الكبير.
* لكِ مساهمات في أدب الطفل من خلال القصص والدواوين، ما التحديات التي تواجهينها أثناء الكتابة لهذه الفئة؟
ــ الكتابة للطفل متعة وتحدٍّ في آنٍ واحد. أشعر بسعادة غامرة كلما نشرت قصة، خصوصًا حين ألتقي الأطفال في معارض الشارقة وأبو ظبي، وأرى تفاعلهم مع كتبي. لكنها مسؤولية دقيقة، فالكاتب للطفل يجب أن يدرك الفئة العمرية، ويختار الموضوع بدقة، لأن ما يُكتب يغرس في ذاكرة الطفل، ويؤثر في شخصيته. والحمد لله، تم اختياري ضمن موسوعة «غينيس» لكتاب الطفل في معرض الشارقة من بين 1500 كاتب، وهو شرف وفضل كبير.
* في مجال المسرح، كيف بدأت علاقتكِ بتأليف وإخراج العروض، وما الموضوعات التي ركزتِ عليها في تجاربك المسرحية؟
ــ بدأت تجربتي المسرحية بكتابة نصوص للأطفال تناولت قضايا التعليم، والخوف، والتحدي، والمحبة، والتعاون، ومغامرات الفضاء. 
فزت بجوائز عديدة، منها أفضل سيناريو عن مسرحية «خبز وماء»، وأفضل إخراج، وأفضل ممثل، وأفضل ديكور، وأفضل أوبريت غنائي. درّبت الأطفال من سن السادسة إلى الرابعة عشرة، وكان لمعلمي المسرحي الكبير «أبو العباس» الفضل في تعليمي أساسيات الإخراج والسيناريو، كما أسهم الأستاذ مرعي الحليان في صقل موهبتي من خلال الورش التي شاركنا فيها داخل دولة الإمارات.
* بصفتكِ خطاطة وخزّافة وفنانة تشكيلية، كيف تنعكس هذه المهارات البصرية في كتاباتك الأدبية؟
ــ الرسم والخط والتشكيل أدوات تعبير موازية للكلمة. أرسم بالكلمات، كما أرسم باللون والفرشاة. 
جسدت في لوحاتي نهري دجلة والفرات، بساتين النخيل، وتراث العراق، ومزجت ذلك بأبيات شعري. كل قصة أو قصيدة تُترجم إلى لوحة بصرية. شاركت بمعارض في العراق، تركيا، والإمارات، وكان تفاعل الجمهور مع لوحاتي تأكيدًا لهذا التداخل بين الفن والكتابة.
* من خلال التدريب والتعليم والتقنيات الحديثة، كيف استطعتِ توظيف التكنولوجيا في دعم الثقافة والتعليم الإبداعي؟
ــ استفدت كثيرًا من التكنولوجيا، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث وظّفتها في إنتاج القصص بصريًا وإخراجيًا. التكنولوجيا أداة مهمة في عصرنا، شرط أن تكون في خدمة الإبداع، لا العكس.
* ما أهمية البيئة المجتمعية والثقافية في دولة الإمارات في تشكيل واستثمار إبداعكِ؟
ــ البيئة في الإمارات كانت حاضنة وداعمة لمسيرتي الإبداعية. شعرت بالأمان والحرية، ووجدت التشجيع من خلال الفعاليات الثقافية والمعارض. الإقامة الذهبية منحتني مسؤولية إضافية في أن أكون أكثر تميزًا، وشكلت دعمًا معنويًا كبيرًا، وأشكر دولة الإمارات على هذا التكريم الذي يثمّن الإبداع والمبدعين من كل الجنسيات.
* كمؤلفة معتمدة في أدب الطفل ومشاركة دائمة في الفعاليات الثقافية، ما رسالتكِ التربوية والثقافية التي تسعين لتوصيلها؟
ــ رسالتي أن يكون للطفل العربي أدبه الخاص، المستمد من بيئته، وهويته، وتقاليده. نعم، أنا مع الانفتاح على الثقافات، وأشارك في الفعاليات العالمية، لكن يجب أن نحافظ على مكتبتنا العربية، وتاريخنا، وحضارتنا، وأن نفتخر بمؤلفينا.
* تنشطين في دعم الجالية العراقية في المهجر من خلال الفعاليات والقصائد، كيف ترين دور المثقف في الحفاظ على الهوية الوطنية؟
ــ المثقف سفير وطنه أينما حلّ. عليه أن يحمل هويته الفكرية والثقافية معه، ويحافظ عليها، وينقلها للأجيال. الاغتراب لا يلغي الانتماء، بل يرسخه، ويجب أن نؤدي هذا الدور بكل أمانة، لأن الوطن يسكننا أينما كنا.
* قدّمتِ برامج وورشًا تربوية حول الذكاء العاطفي والعمل التطوعي، برأيكِ، ما أهمية هذه القيم في بناء شخصية الطفل والمجتمع؟
ــ تعليم الطفل قيم الحب، والتعاون، والتسامح، من خلال العمل التطوعي، يصنع منه إنسانًا محبًا لوطنه، ولعائلته، ومجتمعه. من خلال برامجي وورش العمل، سعيت إلى غرس هذه القيم، وتقديم تجربتي لهم كمصدر إلهام يساعدهم على الإبداع والتميّز.
* شاركتِ في دورات حول حماية الصحفيين في الأردن والعراق، كيف ترين واقع الحريات الإعلامية في العالم العربي من منظورك ككاتبة وإعلامية؟
ــ الإعلامي في العالم العربي يواجه تحديات كبيرة، خصوصًا منذ عام 2002، حيث تعرض الكثير منهم لمضايقات واعتقالات، وحتى للقتل، كما حدث في العراق. الإعلام الحر هو ركيزة المجتمعات الديمقراطية، وعلى الدول أن توفر بيئة آمنة تضمن حرية التعبير وتحمي الصحفيين من القمع.
 * لكِ مساهمات بارزة في تعليم الطلبة من ذوي الضعف اللغوي، كيف تنظرين إلى تحديات تعليم اللغة العربية اليوم؟
ــ أؤمن أن اللغة العربية هويتنا وجوهر انتمائنا، ولهذا أحرص على تعليمها بأسلوب محبّب للطلبة العرب وغير العرب. التحدي يكمن في جعلها تنافس اللغات العالمية، وهو ما أعمل عليه من خلال الشعر والقراءة والمشاركة في المسابقات، حتى مع الطلبة الضعفاء لغويًا.
*  ما العناصر التي تركزين عليها في إخراج عروض مسرحية للأطفال؟
ــ أركز على تعزيز ثقة الطفل بنفسه، وتنمية لغته العربية من خلال الأداء والتفاعل. المسرح وسيلة تربوية فعّالة ساعدت الكثير من الأطفال على تجاوز الخجل وتحسين مهاراتهم اللغوية والاجتماعية.
*  كيف أثّر العمل الإنساني في تشكيل وعيك المجتمعي والثقافي؟
ــ العمل التطوعي علّمني أن العطاء الصادق يمنح الإنسان طاقة إيجابية لا توصف، خاصة حين تلمس أثره في وجوه من تُساعدهم. هو جزء من رسالتي الإنسانية، وليس مجرد نشاط جانبي.
*  كيف ترين العلاقة بين الثقافة البيئية والإبداع الأدبي؟
ــ البيئة ملهمة وأساسية لحياة صحية ومجتمع واعٍ. تناولتها في كتاباتي الأدبية والبحثية، ووجدت أن دمج الوعي البيئي بالأدب يعمّق الأثر ويعزز الشعور بالمسؤولية تجاه الأرض والإنسان.
* أنتِ عضوة في أكثر من 15 اتحادًا ثقافيًا، كيف تنسقين بين هذه الانتماءات؟
ــ بالتنظيم واحترام الوقت، أستطيع التفاعل بفعالية في كل المحافل. الشغف والالتزام هما سر النجاح.
*  هل ترين في التكريمات مسؤولية إضافية أم دافعًا للاستمرار؟
ــ هي مسؤولية ودافع معًا. كل تكريم يحفزني لأعطي أكثر وأبقى على قدر الثقة التي أُمنح إياها.
*  كيف تقيمين دور الإعلام الثقافي في نشر القيم الأدبية؟
ــ الإعلام مسؤولية كبيرة. حين يقدم محتوى أخلاقيًا وهادفًا، يسهم في بناء مجتمع مثقف ومتزن. لهذا أشرفت على برامج تهتم بالتربية واللغة والفنون الراقية.
*  ما أبرز التحديات التي تواجه اللغة العربية في ظل العولمة الرقمية؟
ــ أكبر التحديات هي تغلغل اللغات الأجنبية وضعف استخدام العربية في الحياة اليومية. علينا تعزيز المحتوى الرقمي العربي وتعليم العربية بجاذبية ووعي، دون أن نتخلى عن لغات العالم الأخرى.
* كيف توفقين بين الكتابة والتعليم في مشروعك الإبداعي؟
ــ أجد أن التعليم يغذي الكتابة، والكتابة تُلهم التعليم. أوظف تجربتي الأدبية داخل الصف لأزرع في الطلبة حب الإبداع والثقة بالنفس.
 *  ما أبرز ما خرجتِ به من ورشة القصص ضمن برنامج دبي الدولي للكتابة؟
ــ كانت تجربة ثرية أضافت لي الكثير من التبادل الثقافي والمعرفي، وأسعدني توقيع قصتي في معرض الشارقة الدولي للكتاب وسط حضور إعلامي مميز.
 *  كيف يساهم المسرح التربوي في غرس القيم لدى الأطفال؟
ــ المسرح أداة فعالة في تنمية القيم الإيجابية، مثل التسامح والتعاون. يقدم رسائل تربوية بطريقة مشوّقة وقريبة من الطفل، على عكس المحتويات السلبية المنتشرة في بعض الألعاب أو البرامج.
 *  ما رسالتك من خلال مشاركاتك في مهرجانات أصحاب الهمم وكبار السن؟
ــ رسالتي بسيطة وعميقة: ازرع خيرًا تجده. الاهتمام بالإنسان في كل مراحله هو تعبير عن الإنسانية الحقيقية.
 *  كيف ترين موقعك في خارطة أدب الطفل العربي بعد مشاركتك في مهرجان الكتاب الدولي؟
ــ مشاركتي ضمن مشروع يضم 1500 كاتب للأطفال وتكريمي ضمن «غينيس» دليل على حضوري في المشهد العربي، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يُحدث فرقًا.
 *  كيف توظفين الشعر والفن في خدمة القضايا المجتمعية؟
ــ الشعر والفن رسائل إنسانية قوية. أستخدمهما لنشر التوعية، سواء في القضايا الوطنية أو المجتمعية، لإحداث تأثير إيجابي وملموس.


تابعنا على
تصميم وتطوير