رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
‏لم نفهم الأستاذ


المشاهدات 1142
تاريخ الإضافة 2025/08/06 - 9:35 PM
آخر تحديث 2025/08/07 - 11:26 AM

‏كان الأستاذ عباس العقاد يقول عن كتابه (الله): إن في هذا الكتاب عبارة لو أدركها القارئ وفهم معناها، لاستحق عليها الإعدام.. وقرأ الناس الكتاب من الغلاف إلى الغلاف آلاف المرّات، وقرأت أنا الكتاب. لكنني لم أجد شيئاً جديداً يبهرني، ولا عبارة واحدة تستحق إعدام العقاد!.
‏وقرأنا من بعده كتاب (الإسلام وأصول الحكم) للشيخ علي عبد الرازق، وكتاب (المنطق الوضعي) لزكي نجيب محمود، و (تاريخ الإلحاد في الإسلام) لعبد الرحمن بدوي، ورواية (أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ، و(عودة الوعي) لتوفيق الحكيم.. ولا ندري لماذا كان وعيه غائباً طوال حكم عبد الناصر؟.. قرأنا كتباً لا تعدو أن تكون كلاماً في كلام. قرأنا كتابات أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد في الفلسفة فلم نفهم تماماً ماذا قال الأستاذ؟.
‏وعندما أصدر الفيلسوف الألماني شوبنهاور كتابه النادر (العالم إرادة وفكرة)، لم يبع من هذا الكتاب غير نسخة واحدة اشتراها ناقد بالصدفة، ثم ندم على شرائها، ولم يفلح في إعادتها إلى البائع.. فكتب قائلاً: إن هذا الكتاب لا يستحق القراءة!.
‏فردّ شوبنهور: إن الكتاب كالمرآة إذا نظر الحمار إليها رأى شكله حماراً!.
‏وناقدنا الساخر إبراهيم عبد القادر المازني كان ينتقد أحمد شوقي ويستخف بأشعاره ويجعل منها باباً للهزل، فكتب شوقي ساخراً من المازني هو الآخر، يسأله في هذا البيت:
‏إذا ما نفقتَ ومات الحمارْ
‏أبينكَ فـرقٌ وبينَ الحمارْ؟!.
‏وكان أبو تمام صاحب (ديوان الحماسة) يقول شعراً غريباً في ألفاظه. غريباً في معانيه. ينفر منه الناس. ولمّا سُئل: لماذا لا تقرأ لنا شعراً نفهمه يأ ابا تمام؟!. كان جوابه: ولماذا لا يفهمني الناس؟!.
‏وقرأنا عن البحتري وكيف كان مبهوراً بقصائده، يقرأ البيت والبيتين فيصفق لنفسه، ويتوسّل أحداً من الجمهور أن يقول كلمة إعجاب فلا يجده، فقال ممتعضاً: “وما عليَّ إذا لم تفهم البقرُ”!.
‏لا جديد.. وحروف اللغة العربية بقيت على حالها ثمانية وعشرين حرفاً، لم يستطع أحد أن يكتشف الحرف التاسع والعشرين، أو ينفذ إلى أعماق المعاني.. ومنذ مئات السنين وقف الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى يقول في هذا المعنى: ما أرانا نقول إلا معاراً.. أو معاداً من لفظنا مكرورا!.
‏وكان أستاذنا مدني صالح يقول لي: لا جدوى من الفلسفة، تعاسة في تعاسة. أمَّا سقراط وأفلاطون وأرسطو فإنهم لم يضيفوا شيئاً إلى العقل البشري “فالوجود موجود”.. وكنت أقول له: إن القراء لا يفهمون ما تكتب من مقالات يا أستاذ، فيقهقه ضاحكاً، ويقول: إنهم يفهمون ولكن لا يشعرون!.


تابعنا على
تصميم وتطوير