الدول تحتاج لأعداء دائماً ليس فقط لحماية حدودها، بل لبناء هوية تقوم على أساس وجود طرفين يجب أن ينتصر أحدهما. ولذلك العدو يُصنع لأغراض التحكم بالسياسات الداخلية، ولفرض السرديات والسياسات على الأمم والدول الأخرى لخدمة مصالح البعض، فضلاً عن صنع تماسك داخلي بإسقاط الغضب على الطرف الأخر الخارجي. في هذا الاطار استخدم الغرب هذهِ النظرية منذ حروب الأفيون ضد الصين واليابان في القرن التاسع عشر، وكان الخطر الحقيقي الذي يهدد وجودهم هو الشرق الآسيوي وأطلقوا عليه مصطلح «الخطر الأصفر». واستمر الغرب بصنع العدو المناسب لبسط سيطرتهم الجيوسياسية على دول العالم الشرقي، حتى سقوط الإتحاد السوفييتي عام ١٩٩١. وعندها قال غورباتشوف جملته الشهيرة للغرب: سنسدي لكم أسوأ أنواع الخدمات، سنحرمكم من وجود عدو.
الأمر الذي جعل الغرب وأمريكا بالأخص يجدون أنفسهم بفراغ عدائي، فبدأوا بملاحظة نمو حضارة آسيوية كبرى عمادها الصين والإسلام، مما دعاهم لاختيار الشرق الأوسط كعدو بديل للأتحاد السوفييتي. وأصبحوا العدو المناسب لسهولة شيطنتهم عند الجمهور الغربي الذي يفتقر للمعرفة الكافية عنهم، حيث تولت هوليوود مهمة تشويه صورة العربي وتمثيله بالبربري المتخلف والمتعطش للدماء. فكان كبش الفداء والابتداء هو العراق، الذي أتُهم بحيازة أسلحة الدمار الشامل، وبعدها بالمشاركة بأحداث ١١ سبتمبر.
وبسبب صنع العدو الذي يتقنه الغرب وأمريكا بالتحديد، أصبح القتل أمرا إعتياديا بل ضروريا ومغلفا بمصطلحات تشرعنه أمثال؛ إرهاب إسلامي، تعزيز الإستقرار ببلد ما، نشر الديمقراطية، الحفاظ على حقوق الإنسان، حماية الأقليات...وغيرها من الحجج.
في عام ١٩٩٦ بررت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية مقتل نصف مليون طفل عراقي بالحصار بأنه ثمن مناسب لغزو العراق للكويت، وبعد ٢٩ عام تقريباً يخرج وزير الخارجية الأمريكي روبيو ليبرر مقتل أكثر من ١٠٠ الف فلسطيني بأن السبب لمقتلهم العدو حماس وليس أمريكا أو إسرائيل. وتستمر دول العالم الغربي بشرعنة قتل العرب والمسلمين، لأنهم صنعوا من العالم الجنوبي عدو مناسب ومثالي للسيطرة وإستغلال الموارد لصالحهم ولتحقيق أهدافهم التوسعية المستمرة.