رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
في معرضه الأخير بدبي «الأشكال الخطية» ...الخطاط وسام شوكت: الخط العربي مجموعة حروف ذات أشكال جميلة


المشاهدات 1438
تاريخ الإضافة 2025/02/02 - 8:54 PM
آخر تحديث 2025/02/18 - 12:45 PM

دبي / الزوراء / ظافر جلود
يرصد الفنان والخطاط العراقي وسام شوكت في معرضه الجديد «الأشكال الخطية» الذي أقيم بدبي، المناطق الفارغة في الأحرف العربية ، في عملية انفتاح واثق على قلب اللغة على بياض الأحرف من الداخل، باعتبارها مساحات حيّة نابضة بالأشكال، أتاح لها وسام أن تتمرّد على تاريخها المغلق، ومنحها قدرة تنافسية مع أنواع الفنون الأخرى.
منذ أربعين عاماً وشوكت يمضي في صحبة العربية وأحرفها، محاولاً فكّ ارتباطها بالديني والتقليدي، وتحريرها من المتسلطين عليها، فأخرجها من جمودها، من دون أن يأخذ موقفاً متزمتاً من النمط الكلاسيكي في التصميم.
«الخط العربي بالنسبة لي هو أكثر من مجموعة حروف ذات أشكال جميلة، وأبعد من إتقان محاكاة الأساليب التقليدية منذ قرون. الخط العربي هو التقدم والتطوّر». بيان الفنان الخاص بمعرضه السابق «المونمنتال 11/11».
يقول الفنان وسام شوكت للحديث عن هذه التجربة لا بد من العودة إلى بدايات الفكرة، إلى عام 2011، عندما افتتحت معرضي الشخصي الأوّل في نيويورك، بعد أن تلقيت دعوة من صاحب جاليري أميركي الجنسية، شاهد أعمالي في مركز دبي المالي، وكانت عبارة عن جداريات حديثة غير تقليدية، ودعاني لإقامة معرض خاص في نيويورك.
كانت الأعمال حينها عبارة عن جداريات ضخمة مغطاة بالأحرف العربية بخط الثلث، حديثة ومن دون تجريد، لكنها أقرب إلى «التايبوجرافي» من الخط العربي، وكان من أهم المشروعات التي أنجزتها، وأحدثت ثورة لدى المصممين والخطاطين لجهة استخدام الخط العربي كفن حديث.
كنت أمزج حينها بين الكلاسيكي والحديث، وبدأت باستخدام «خط الوسام» في أعمالي، الذي ابتكرته قبل 20 سنة، لكني لم أكن أستخدمه في الخط، بل في أعمال الفن، وعام 2009 استخدمته للمرّة الأولى في الخط.
•ماذا تعني «التايبوجرافي» من الخط العربي؟
-هو عبارة عن أشكال حروف جديدة، لا هو خط نسخ ولا ثلث، مشتقّ من عدة خطوط كلاسيكية، لكني طوّرت حروفه. لم يظهر هذا الخط في يوم واحد، بل عبر عملية تراكمية على مدى عشرين سنة، وما زلت حتى اليوم أدخل عليه تعديلات وأطوّره. وحالياً أنا بصدد إعداد كتاب للنشر حول قواعد هذا الخط وأسسه.
ولطالما كانت لدي مساهمات باتجاه تغيير مسار الخط العربي. اشتغلت على مشروع حول خط الرقعة الجلي المركب عام 2014، بدأت أركبه وابتكرت أشكالاً جديدة من الحروف، تساعد على استخدامه كخط في التصميم، وحوّلته من خط وظيفي إلى خط فني، حاله حال خط الثلث، الذي أضفت إليه أيضاً حروفاً جديدة، وهذه من التطويرات التي توقف الاشتغال عليها منذ القرن الثامن عشر.
•وقد تتعرض للنقد؟
-منهم من انتقدني ومعظمهم كانوا من الأتراك، وقالوا إنه لا يحق لي الاشتغال بهذه الطريقة، وكان جوابي أنه لا قانون ولا شرطة خط تقول ذلك، أو تمنعني من تطوير الحروف. في المقابل هناك من رأى أن تفكيري بهذه الطريقة منطقي وسليم، يخدم الحروف فنياً وجمالياً، وخصوصاً أنها قائمة على القواعد نفسها، وعملية تطوّر الخط طبيعية، وأخذ مئات السنين كي يصبح الخط على ما هو عليه اليوم.
•كيف تطوّرت التجربة بعدها؟
-عام 2010 رأى أعمالي الخطاط السوري منير الشعراني، وهو من الذين ينادون بالتجديد في الخط، واشتغل على الخطوط الكوفية وعدّل عليها وطوّرها، واشتغل أعمال غير كلاسيكية، فاقترح عليّ إقامة معرض مشترك في سوريا، وتواصل مع الخطاط السوداني المعروف تاج السر حسن المقيم بدبي، وهو مصمّم وفنان ومجدّد في الخط أيضاً، ورتبنا جميعنا معرضاً بعنوان «إبداعات خطية»، وشاركت فيه بلوحاتي التي أنجزتها بخط الوسام، وكانت تجربة ناجحة جداً، وشهد المعرض حضوراً كبيراً ونوعياً.من هناك قرّرنا أن ننقل المعرض إلى معهد العالم العربي في باريس، والتقينا مدير عام المعهد بدر الدين العرودكي في ذلك الحين، لكنه لم يتحقق.
•معرضك الأخير في «السركال أفنيو» دبي بعنوان «الأشكال الخطية» هل هو خروج عن الكلاسيكية؟
-بعد تجربتي الطويلة، وجدت أن لا شيء يمنع من الخروج عن الكلاسيكية، ما زلت خطاطاً، ولديّ أعمالي في هذا المجال، لكن عندي تجاربي الخاصة. بدأت الفكرة عندما كنت أرسم حروفاً بخط الثلث، ونحن مولعين به، لأنه من أصعب الخطوط، وهو مقياس لمهارة الخطاط، رحت أركز على محتوى الخط، كتبت الحاء بالثلث ثم أقفلت الفراغات فيها، وبدأت أراها كرسمات خرجت عن كونها حروفاً. ثم أخذت الحروف وبدأت أنسج علاقات بينها، كيف يتماهون وكيف يجلسون إلى جانب بعضهم، كأني أخدت الكلمات وفصلت حروفها وجرّدتها، ثم أعدت تركيبها بطريقة غير تقليدية في الخط. بل كأني أطلقت أبجدية جديدة وربطتها ببعضها بطريقة مختلفة.
•ولماذا اخترت دبي للاستقرار والعمل ؟
-في دبي بدأت حركة قوية باتجاه هذا الفن، مثلاً معرض دبي للخط انطلق بقوّة، وشاركت في دورات عدّة منه، وصمّمت المطبوعات وغيرها.
* أربعة أحرف تأثّرت بها وانطلقت منها نحو الشهرة، ما قصّتها؟
-كنت في عمر 10 سنوات عندما كتب أستاذي أمامي أربعة حروف منفصلة هي: أ ب ج د، ومنذ ذلك اليوم، وقعت في غرام الخط، وما جعلني أتعلّق بها، شكلها الجرافيكي، وإلا ما معنى أن أكون طفلاً وأتعلق بالأحرف إلى حدّ الهوس.
•في عالم الحروف من أين لك هذه المخيلة؟
-استطعت أن أروّض حواسي البصرية في التقاط الجمال في كل شيء. عند السفر أزور المتاحف قبل أي شيء، ولا أحب الفن المفاهيمي الذي أعتبره انحطاطاً، أحب فن ما بعد الانطباعية والتكعيبية، واستطعت أن أرى أبرز المتاحف حول العالم. وما عزّز ثقافتي الفنية وطريقتي في تعاملي مع الحرف، هي قراءاتي حول تطوّر الفنون، حاولت أن أفهم كيف تطوّر كل شيء وأن أطبّق ذلك على الخط. علماً أنني عندما كنت خطاطاً كلاسيكياً، كنت أشعر بالذنب من المسّ بالخط، لكني اقتنعت بأن القدسية نحن من خلقها.
• ما الذي يجذب العين أكثر الفراغ أم شكل الحرف؟
- الاثنان معاً، الحرف هو عبارة عن التقاء فراغ مع كتلة الحرف، الفراغ الداخلي في حرف الصاد لا يكون جميلاً لولا الفراغ الداخلي، وهذا ما يجعلنا حكام في موضوع الخط. هذا المعرض قدّمت فيه أسلوباً جديداً غير مطروق وتحدّيت فيه نفسي، وهذا يسهم في نجاح التجربة. تحوّلت من خطاط إلى فنان تحركه مفاهيم تجريدية، وبعد أكثر من 30 عاماً من ممارسة فن الخط، شعرت أني مؤهل لتحديد المبادئ التي يمكن تجاوزها والتحرّر منها، أو التي يجب أن أبقى محافظاً عليها.


تابعنا على
تصميم وتطوير