بغداد/ متابعة الزوراء:
تشهد احتياطيات النفط العالمية موجة من التقديرات الهبوطية الممتدة منذ عام 2019، وسط مخاوف متصاعدة بين المستثمرين، من تفاقم التأثيرات المحتملة لمسار تحول الطاقة في الاكتشافات الجديدة حول العالم.
وأظهر تقرير تحليلي حديث، انخفاض احتياطيات النفط القابلة للاستخراج في العالم بنحو 700 مليار برميل خلال 5 سنوات ماضية ممتدة منذ بداية عام 2019 وحتى أوائل عام 2024.
ويرجع الانخفاض إلى استخراج وإنتاج إجمالي 179 مليار برميل من هذه الاحتياطيات خلال السنوات الـ5 الأخيرة، في حين تعود غالبية الهبوط إلى تراجع أنشطة الاستكشاف.
وشهدت احتياطيات النفط العالمية سلسلة من الانخفاضات المتتالية خلال السنوات الأخيرة على اختلاف وتيرتها، حيث تراجعت طفيفًا من 2.21 تريليون برميل أوائل عام 2018، إلى 2.18 تريليون برميل أوائل عام 2019، قبل أن تتسارع وتيرة الهبوط.
تقديرات احتياطيات النفط العالمية
بدأت رحلة الانخفاض الملحوظ في احتياطيات النفط العالمية منذ عام 2020 مع وصولها إلى 1.9 تريليون برميل، قبل أن تهبط بشدة إلى 1.72 تريليون برميل عام 2021.
وواصلت الاحتياطيات انخفاضها إلى 1.57 تريليون برميل عام 2022، قبل أن تصعد صعودًا طفيفًا إلى 1.58 تريليون أوائل عام 2023، ثم تتراجع إلى 1.53 تريليون برميل أوائل عام 2024، بحسب بيانات شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، التي ترصد أرقام الاحتياطيات في بداية كل عام.
على الجانب الآخر، ظل إنتاج النفط العالمي مستقرًا عند 30 مليار برميل سنويًا خلال المدة نفسها، مع تأرجحه قليلًا من عام لآخر، إذ ارتفع في 2019 إلى 31 مليار برميل، ثم انخفض إلى 29 مليار برميل خلال عامي 2020 و2021، قبل أن يرتفع إلى 30 مليار برميل خلال الأعوام الثلاثة اللاحقة (2022 و2023 و2024).
وتختلف بيانات احتياطيات النفط العالمية لدى ريستاد إنرجي نسبيًا عن تقديرات منظمة أوبك التي تشير إلى ارتفاع إجمالي احتياطيات النفط الخام المؤكدة في العالم إلى 1.579 تريليون برميل في عام 2023، مقارنة بنحو 1.563 تريليون برميل في عام 2022، بحسب النشرة الإحصائية السنوية الصادرة عن المنظمة (يوليو/تموز 2024).
لماذا تختلف التقديرات مع أوبك؟
يرجع اختلاف التقديرات بين ريستاد إنرجي وغيرها إلى طريقة احتساب احتياطيات النفط العالمية وتصنيفاتها، خاصة أن شركة الأبحاث تركيز على الموارد القابلة للاستخراج بصورة كبيرة.
وانعكس الاختلاف على ترتيب الدول المالكة لأكبر احتياطيات النفط العالمية، إذ تحتل السعودية المركز الأول في تصنيف الشركة بنحو 247 مليار برميل، متقدمة على فنزويلا التي تصنّفها أوبك الأولى عالميًا بنحو 303 مليارات برميل، لكن ريستاد إنرجي ترى احتياطياتها المعلنة مبالغًا فيها بشدة.
كما ترى ريستاد إنرجي أن احتياطيات أوبك المعلنة والبالغة 1.215 تريليون برميل في عام 2022، مبالغًا فيها بمقدار الضعف تقريبًا، مع تقدير الشركة لهذه الاحتياطيات بنحو 657 مليار برميل فقط، ما يمثّل 40% من إجمالي احتياطيات النفط العالمية، وليس 79%، كما تشير تقارير أوبك.
ويأتي معظم المبالغات في بيانات احتياطيات أوبك من فنزويلا وإيران وليبيا والكويت، بينما تعدّ كندا الدولة الوحيدة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تبالغ في تقدير احتياطياتها النفطية، لأن أغلبها من الرمال النفطية المرجّح أن تظل عالقة بسبب ارتفاع تكاليف تطويرها، بحسب ريستاد إنرجي.
ويرجّح انخفاض احتياطيات النفط العالمية خلال السنوات الـ5 الماضية إلى عدّة أسباب، أبرزها انخفاض أنشطة الاستكشاف مع زيادة مخاوف المستثمرين من أن تظل الاكتشافات الجديدة عالقة بسبب آثار مسارات تحول الطاقة عالميًا، خاصة في قطاع النقل.
ويخشى المستثمرون من أن تؤدي عمليات الكهربة المتسارعة لقطاع المركبات إلى انخفاض الطلب على النفط وتراجع أسعار الخام، ما يهدد استثماراتهم في الاكتشافات الجديدة.
وانخفضت أحجام اكتشافات النفط والغاز العالمية إلى أقل مستوياتها على الإطلاق في 2023، بنسبة 47% عن عام 2022، بحسب تقديرات منتدى الدول المصدرة للغاز التي تشير إلى هبوط حجم الغاز والسوائل النفطية المكتشفة إلى 5 مليارات برميل نفط مكافئ، مقابل 9.4 مليار برميل نفط مكافئ في 2022.
كما تشير تقديرات أخرى صادرة عن مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور إلى انخفاض أحجام اكتشافات النفط والغاز عالميًا إلى 7.7 مليار برميل نفط مكافئ عبر 19 مشروعًا في عام 2023، بانخفاض 35% عن عام 2012، الذي بلغت فيه الأحجام المكتشفة نحو 12.6 مليار برميل نفط مكافئ عبر 31 مشروعًا.
ورغم اختلاف بيانات أحجام اكتشافات النفط والغاز العالمية الصادرة عن المؤسستين، فإنهما متفقتان على أن أنشطة الاستكشاف تواجه تحديات كبيرة، بسبب ارتفاع التكاليف واختناقات سلاسل التوريد.