رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
في ساحة الحب - قصائد نثرية


المشاهدات 1481
تاريخ الإضافة 2024/07/28 - 8:11 PM
آخر تحديث 2024/10/29 - 5:36 AM

  روان محمود صرّار
جلسْتُ ذات يومٍ أنظرُ في مرآتي
بدأْتُ أتأمّلُ ملامحي
أتمعّنُ في تفاصيلي
أرى خبايا التجاعيدِ المخفيّةِ
كأنّها ما زالَتْ خجِلةً من الظهور للعلن
تحاورُني بصوتٍ خافتٍ
وتهمس لي
لا تخافي يا طفلتي، لا تحزني
ما زِلْتِ يا سمراءُ أجملَ جميلاتِ
الكرة الأرضية
فأنا في كلِّ يومٍ
أراكِ في بكاء طفلةٍ
ملءَ المكانِ ضجيجُها
في تهنئٍةٍ بِقدومِ هديّةٍ ربانيَة
أراكِ في يومِكِ الأوّلِ
مذْ كنْتِ في اللفّةِ الورديّة
كنْتِ تلكَ الطفلةَ السمراءَ
صُبَّ جمالُ الكونِ في الملامحِ المخملية
***
أراكِ في عمرِ الزهورِ
حينَ كانَ أكبرُ همّكِ كيفَ ترتدينَ الحقيبة المدرسيّة
كنْتُ أتقهقهُ في داخلي وأقولُ:
ستعلمينَ يومًا يا صغيرتي أنَّ هذا الهمَّ سيزولُ
وأنَّ هذهِ الأيّامَ كَبرقٍ عجول
وأنها لن تطول
وستكبرُ تلكَ الطفلةُ العفوية
***
أراكِ في سنِّ الصِبا
كانَ الحماسُ يفيضُ منك والحيوية
والشمسُ تشرقُ منْ ضياءِ عينيْكِ العسليّة
كنْتِ الرقيقةَ رقّةَ ملاكٍ ذو أجنحةٍ لؤلؤيّة
أقولُ في نفسي:
ها قدْ كبرْتِ يا صغيرتي
وأصبحَتْ طفلتُنا صبيّة
بدأْتْ تُكوِّنُ نفسَها
وترسمُ أحلامها الليلكية
وتتعلّمُ منَ أيامها عِبرًا
ومنْ قِصصِ الحياة دروسًا واقعيّة
تُخطئُ أحيانًا
وتُصيبُ أحيانًا
فتراها أكثرَ عقلانيّة
تارةً تراها الصديقةَ الحنونةَ
وتارةً متقلّبةً كالبحرِ مزاجيّة
لكنَّها تَعشُ لحظاتِها
ساعاتِها
سنواتِها
وتنتظرُ يومَ ميلادِها بلهفةٍ جنونيّة
تطفئُ الشموعَ
تتمنّى الأُمنياتِ
تفتحُ الهدايا والزجاجاتِ العطريّة
***
الآنَ أنتِ في سنِّ الثلاثينْ
النضجُ فيكِ قدِ اكتملْ
كالبدرِ في وسطِ السماءِ المشتعِلْ
أصبحْتِ تلكَ المرأةَ
الزوجةَ
الأمَّ
وتحمّلْتِ جُلَّ المسؤوليّة
ما زادَكِ العمر إلا جمالًا .. هدوءًا .. وجاذبيّة
فالعمرُ يا طفلتي يمضي
وأنا كالذكرياتِ
لا بدَّ أنْ أكونَ جزءًا منَ الحياةِ
فاسمحي لي يا صغيرتي
أنْ أبدأَ بالظهورِ
رغمَ خجلي
رغمَ أنّي لا زلْتُ أراكِ في المهدِ وفي عمرِ الزهورِ
ورغمَ تسارعِ الأيّامِ والساعاتِ
أراكِ تلكَ الطفلةَ العفوية
فجأةً دقَّ البابُ
تزيّنْتُ بسرعةٍ
وضعْتُ أحمرَ شفاهي
ارتديت أجملَ فساتيني وتعطّرْتُ
وذهبْتُ لأستقبلَ عاميَ الجديدَ بكلِّ شغفٍ وايجابية


تابعنا على
تصميم وتطوير