بعد ثلاثة أرباع قرن من الزمان يقف الصراع الفلسطينى الإسرائيلى عند مفترق خيارات: أولها أن يظل الوضع القائم قائما على الاحتلال والسيطرة والسيادة الإسرائيلية؛ وثانيها حل الدولتين الذائع والمقرر منذ قرار التقسيم ١٩٤٧ والذى لم يتيسر أبدا تطبيقه لرفض العرب مرة، وعدوان الإسرائيليين عليه مرات آخرها الآن؛ وثالثها حل الدولة الواحدة الذى يعكس الحقائق على الأرض وفى مقدمتها أنه بعد أكثر من ٧٦ عاما من قرار تقسيم فلسطين، و٥٦ عاما من احتلال إسرائيل لكامل التراب الفلسطيني، قد شكل بالفعل وحدة سياسية واقتصادية وأمنية واحدة؛ ورابعها أن تقوم دولة واحدة قائمة على قوميتين يعبر عنها وضع كونفدرالى تكون عاصمته القدس. الاختيار الإسرائيلى الدائم هو الوضع الحالى حيث تقوم سيطرة إسرائيلية كاملة على الأرض من النهر إلى البحر، مع معاملة قائمة على التمييز العنصرى للسكان الفلسطينيين سواء كانوا داخل إسرائيل أو فى الضفة الغربية والقطاع.
أفكار الدولة الواحدة ليست جديدة، بل إن لها صورا سبق أن جرى رفضها كما حدث من الإسرائيليين إزاء فكرة منظمة التحرير الفلسطينية خلال الستينيات من القرن الماضى والتى قامت على الدولة الواحدة الديمقراطية العلمانية. وبالمقابل فإن الفلسطينيين قاوموا ورفضوا الحل القائم على الشكل الإسرائيلى للدولة الواحدة, وهى الصورة الحالية للهيمنة والاحتلال والتمييز العنصرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ورغم هذا الرفض المتبادل للدولة الواحدة، فإن هناك إدراكا لما يجرى من واقع يقوم على الاعتماد الأمنى والاقتصادى المتبادل، والسوق الاقتصادية الواحدة. هذه الحالة جعلت تيارا ينمو على الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى إما أن يجد اقتراح الدولة الواحدة محبذا على حالة الانسداد الحالية فى العملية السياسية، أو يجد فيه تسليما بواقع لا بد من التعامل معه. كل ذلك لا يزال جزءا من الصراع؛ وما يقاومه ليس الضرورات التى تجعل نوعا من العيش المشترك قائما، وإنما أيضا أن الأجيال الجديدة لا تريد لمستقبلها أن يكون مثل حاضرها الذى كان مستقبل الآباء من قبل.
نقلاً عن «الأهرام»