رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
تجربة المرض.. الذين وقفوا عند رأسي


المشاهدات 1251
تاريخ الإضافة 2023/03/18 - 7:39 PM
آخر تحديث 2024/03/23 - 2:31 PM

تجربة المرض واحدة من سلسلة تجارب قاسية يمر بها الإنسان في مسيرته المحفوفة بالعذاب والألم ولقسوتها وشدة وطأتها فإن الخالق العظيم جعل للمريض ثواباً مختلفاً عن بقية الخلق في الدنيا والآخرة ومن يموت نتيجة مرض قاس ترفع عنه العقوبة الأخروية ويعامل معاملة الشهداء، كما يحض الدين على زيارة المريض ورعايته لأنه في أشد حالات الضعف التي يكون الإنسان معها محتاجاً لأهله وأحبته والمقربين منه وأصحابه وندمائه، وينظر في الوجوه ويتطلع باهتمام لزواره، ويسأل عن فلان وفلان من أصدقائه، ولعل نفس المريض تتقوى، وتشعر بطاقة إيجابية أكبر عندما يزوره الناس، ويمازحونه، ويخففون عنه ويقدمون له العون المادي والكلمات الطيبة والعبارات الرائقة، ويتمنون له الصحة وتمام العافية، فترتاح نفسه، وتنشرح أساريره، ويعلو شأنه، ويشعر أنه لا يسير لوحده في الحياة بل هو محاط بمن يقف إلى جانبه، ويسهر على راحته، ويكون أمله بالشفاء والخروج من المحنة كبيراً وكبيراً جداً .
‏عندما مرضت من مدة، وسقطت مغشياً علي اندفع قلة من الاصدقاء ونقلوني إلى المشفى، وكنت أصارع الموت ولعلي كنت مودعاً الحياة الفانية لولا لطف الله وعنايته ورحمته بي، وقد تناهى إلي العاملون في المستشفى بالرعاية والفحوص والعلاج الطبي الطارئ الذي مكنني من استعادة وعيي، وأنا في غاية الإرهاق والتعب بينما كنت مصاباً بحالة مرضية عصبية شديدة هي الثانية في غضون السنوات الأخيرة ، وحينها نظرت في الوجوه التي تتطلع إلي بقلق وخوف، فوجدتهم قلة من الصحاب المقربين لا يتجاوز عددهم الخمسة أشخاص بينما كان أول الحاضرين والذين وقفوا عند رأسي السيد رئيس اتحاد الصحفيين العرب نقيب الصحفيين العراقيين الأستاذ الفاضل مؤيد اللامي الذي اتصل بالمسؤولين، وألح في تقديم الرعاية الصحية اللازمة لي وكان يتحدث إلي برفق وتشجيع حيث شعرت حينها بالقوة، وإنني لم أترك وحيداً في مواجهة المرض، وكان يقول لن ندعك سنوفر لك ما تحتاج إليه، وستكون بخير عما قريب وسنتكفل بما يكفي لعلاجك وعودتك إلى حياتك الطبيعية.
   ‏هذا الموقف أغناني عن مواقف كنت أنتظرها وأتمناها فنقيب الصحفيين يمثل قمة الهرم الصحفي وموقفه معي مثل نوعاً من العلاج الذي ساعدني في المقاومة والصمود أمام تلك الوعكة الصحية الصعبة جداً، وسأحتفظ في ذاكرتي بذلك الموقف ما حييت لأنه كشف لي من معي ومن لا يهتم لشأني فهناك أصدقاء لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال عني  أو الاتصال هاتفياً بي، وقد كنت معهم خير صديق، وكنت أشاركهم أحزانهم وأفراحهم، وأساعدهم حين يطلبون مساعدتي دون مقابل أو انتظارا لكلمة شكراً أو أن أسمع منهم ثناءً، لم يتصل بي البعض برغم كل ما فعلته لهم حيث كنت لهم السند والمعين وهذا في الواقع كان شديد الوطأة على نفسي حيث وجدت هولاء مجرد انتهازيين ومدعين، ولا يقدمون كلمة طيبة، ولا يفعلون سوى ما يشبع رغباتهم المريضة، ولهذا فقد تمكنت بيسر وسهولة أن أتعرف إلى من يضحك في وجهي وخنجره في ظهري .
‏شكراً لكل الذين وقفوا معي وكانوا السند والمعين وأسفي على من باعني لطموحاته وعلاقاته مقابل ثمن بخس لكن هذه التجربة علمتني دروساً في معرفة الناس وأخلاقهم وخباياهم، وعرفت من كان معي ومن كان ضدي، وقد عرفت أصحابي الحقيقيين والذين يكونون أهلاً للموقف وشجعاناً لا يتخلون عن واجبهم فشكراً لهم وبورك حضورهم الطيب والمتواضع.              
 


تابعنا على
تصميم وتطوير