رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الأردن يعيش حقبة سياسية عنوانها كشف الأوراق بمقتضى الحاجة


المشاهدات 1001
تاريخ الإضافة 2018/07/09 - 5:13 PM
آخر تحديث 2024/04/17 - 3:16 PM

[caption id="attachment_150886" align="aligncenter" width="300"]فؤاد البطاينة فؤاد البطاينة[/caption] يعوم الأردنيون جميعهم في فراغ يخلو تماما من الجاذبية، ليس لهم فيه أدنى ثقل ولا تأثير في الحياة ا لعامة أو في القرار على مستوى الأحداث الداخلية والخارجية، وأصبح وجودهم في الدولة مجرد ديكور حي لا يرزق، يضاف لديكور مؤسسات الدولة، والمؤسسات المدنية والشعبية والمهنية تخضع لتدخلات الدولة وكوابحها وسقوفها، وهناك مؤشرات على أن الحراك الأخير كان محل استخدام، ونحن لا نجزم بهذا ولكن كنا نفترض بأنه مما أسس وجزء من سيرورة نضالية وطنية لا تتوقف أو تتراجع، أما الأحزاب فستبقى عارا على الحياة السياسية وعلى مصالح الشعب والعمل السياسي ما لم تعلن أمام العالم حل نفسها وفصلها عن لعبة النظام وانخراطها بالعمل الوطني الحر. لقد نال الاستهداف من الروابط بين مكونات الأردنيين، وبات الشارع منقوصا وتائها بلا قياده، فهو غير معمور، والقبائل والعشائر بدأت تتلمس مسخها الى ظاهرة صوتية في فراغ، ولم تبق واحدة منها إلا وجرى إشعارها بالدونية والعزل بعد أن قضى تحالفها المحرم مع النظام وَطَرَه، فلا هي عادت موجودة بثوبها ولا الدولة عادت دولة . والنظام أصم وأبكم في إجازه لا تنتهي، ولم تمر على الأردنيين أية مرحلة كالتي يعيشونها اليوم من تجاهلِ وازدراء الملك للشعب وانفصالها عن قضاياهم وهمومهم وهموم بلدهم، ولا مرحلة كان فيها الشعب معزولا عن الدولة بهذا المنسوب، إنها أشبه بالدولة المختطفة لمصيرها فهل تكتمل الجريمة وتقيد ضد مجهول؟ النتائج مرتبطة بمقدماتها، فهل يصنع الشعب مقدماته؟ … لتعلم هذه القبائل والعشائر أن القيم عندما تتراجع في النفوس وتتراجع معها أنشودة الوطن يفقد الإنسان مصدر إرادته وهويته الإنسانية وكرامته وقدرته على الفعل، ويصبح كلامه عند الأخر نهيقا لا يؤشر إلا على حاجة بيولوجية منصوبة على الابتزاز، فنحن نلاحظ اليوم مع ازدياد الضغوطات والغموض والتهميش أصوات العشائر والقبائل تعلو باحثة عن حليفها الملك ولا تجده، فعادت تبحث عن نفسها وما فتئت تتنادى الى اجتماعات، لكنها لم تجد نفسها فيها إلا شِيَعا ممزقة وفاشلة خارج تاريخ الدولة والمعادلة، والسبب أنها ما زالت تجتمع على فساد وتتحدث بمنطقها العشائري المعزول عن الواقع الذي انساقت اليه بعيدا عن الحس الوطني الاردني الجمعي والرباط القومي، وبعيدا عن أجندة الأهداف السامية. مثقفوها يعلمون بأن العشائر والقبائل لم يعد لها وجود في أطر الدول الوطنية أو القومية، وأن وجودها في الدول حتى لو لم يكن مؤطرا يبقى وجودا لحالة شرائح سكانية مفاهيمها في الحكم لا تنسجم مع مفاهيم وقيم وتطور الدول والشعوب ولا مع خطاب إنسان اليوم، إنها حالة من مرحلة تاريخية انتهت، وبقاؤها يعتبر عامل شد عكسي في الدول المستقرة، إلا أنها كمفهوم نقيض لمفهوم الدولة، قام الاستعمار بإعادة انتاجها في بلادنا على قيم غير قيمها لإيقاف الزمن عند العرب وتحطيم الأمة ووجودها، وكان تركيزه في هذا على القبائل والعشائر الاردنية في سياق نزع الاردن من وعد بلفور على خلفية كاذبة بهدف استخدامه لحاجة المشروع الصهيوني وانجاحه في فلسطين والأردن. وبالفعل، قامت سياسة المستعمر البريطاني الصهيوني ومن بعده النظام ولليوم بتدمير هوية الانسان الأردني وشخصيتة ثم كيانه الاعتباري السياسي والقانوني بعد استخدامه، واتجهت هذه السياسة بداية للقبائل والعشائر في استخدام ثنائي تدمر به قيمها أولا ثم الدولة حين استحقاق الأجل. وعلى هذا قام تحالف النظام معها وكرس فيها مفهوم وخصائص القبلية والعشائرية والنفعية واستطاع اختراق بنيتها بعد موت زعامائها التقليديين، ودجن ابناءهم وجعلهم ينقلبون على ارث أبائهم الوطني والقومي والقيمي ويختصرون عشائرهم بأشخاصهم ويذلون أنفسهم وعشائرهم حتى أصبحوا عناوين الخيانة والذل والفساد في الدولة بعد أن كانت هذه القبائل تتسابق في الإيثار والإصلاح والوطنية، وتقوم بالعمل الوطني الذي تعجز عنه أحزاب اليوم، في إطار كانت لا تعرف فيه هذه القبائل بلدها الأردن الا كجزء من الوطن العربي وبلا حدود اجتماعية أو جغرافية أو سياسية أو نضالية تفصله عن فلسطين وشعبها. أية دولة هذه التي تغذي كل خصائص العشائرية والقبلية الكريهة والهدامة في عشائرها وتستهدفها بالفرقة والتناحر وترسخ فيها النفعية والعصبوية وتحارب مشاعرها الوطنية وتطلعاتها القومية وتهزئ تاريخها القيمي وتصنع مشايخ الفساد والذل وتشجع على خلق عشائر جديدة على هذا المفهوم، وتنشئ لهذا الغرض دائرة في الديوان الملكي، وأية عشائر هذه التي تقبل بهذ الوضع وتتعامل معه؟ وأية ازدواجية ساذجة ومكشوفة في خطاب الملك عندما يتحدث عن سيادة القانون والدولة المدنية. على العشائر أن تفهم بأنها كانت الأداة التي استُخدمت لإيصال الدولة لما هي عليه اليوم، ولإيصال نفسها لهذا المستنقع، وبأن المسؤولية تقع عليها في استقواء النظام على الدولة والشعب وقتل روح الوطنية والقومية فيه، وعليها تقع مسؤولية افساد مؤسسات الدولة وتحطيم الحياة السياسية وفكرة الديمقراطية والأحزاب والبرلمان وخراب الجبهة الداخلية ونهب مقدرات الدولة وجعلها ملكية خاصة للنظام، وتفهم بأن زعماءها المعينين تعيينا ما زالوا هم الأدوات الذليلة. وعليها اليوم إبراء الذمه من فساد الدولة وموت الشارع، ولزاما عليها في هذا أن تنتفض على نفسها أولا وتعزل كل خوانيها وفاسديها ومطاياها وأن تنسخ من قاموسها العصبوية وكل خصائص الخطاب العشائري والقبلي الهدام وتعود لماضيها القيمي ولخطابها الوطني، وأن تفهم بأن الظلم هو الظلامية التي ترتد على أهلها، لقد قمعتم انفسكم ووطنكم حين استُخدمتم أداة قمع في كل الاتجاهات حتى لأهليكم. الأردن اليوم يعيش فترة سياسية عنوانها كشف الاوراق بمقتضى الحاجة ، إنه ليس بأكثر من مستعمرة محمية ومقادة من أميركا، تحول فيها الديوان الملكي اليوم الى ما يشبه المندوبية السامية، ونظامه يمشي سياسيا على المسطرة نفسها التي مشى الشعب على طريقها، وما الفساد الذي ارتهن الدولة إلا سياسة، ونهب الدولة مظاهر لقبض الثمن وشراكة، فيها المتهمون قضاة ومنفذين، وما تهميشكم إلا سياسة، وكل ما ترونه وتسمعونه وتستهجنونه هي رسائل لعهد ومعادلة جديدتين لتفهموها وتتعايشوا مع مضامينها ونتائجها، الحالة التي يعيشها الجميع في الاردن ستبقى قائمة ومتراجعة، ما دام الشعب ينتظر. وهذا التوقيت للافتراس والتهميش ونكران النظام لسنوات العيش المشترك لم يأت إلا بعد أن تمكن النظام من صنع وفرض نموذجه مكان كل نماذج الدولة الحرة في القطاعين العام والخاص. فالدولة بشعبها بهذا المفهوم هي بحكم المختطفة. اقول للعشائر الاردنية من أقصى شمالها الى أقصى جنوبها لقد تركتم سياسة وقيم أجدادكم الوطنية والعروبية وتركتم بني وطنكم وقومكم وفصلتم مصالحكم عن مصالحهم وسرتم واهمين على خطى المستعمرين وعملائهم وبقوتهم، وأنتم اليوم إن كنتم لا تدرون أذلة بلا حيلة، والشارع الذي يعيد للشعوب المقهورة حريتها لا يمكن أن يكون فئويا ولا يَعمر الا بالجميع وبخطاب الوطن، وهو اليوم غير معمور بفضل نهجكم أولا، فشهر العسل مع النظام انتهى حتى مع خونتكم. لا خلاص لكم وجدوى من اجتماعاتكم على أجندات عشائرية، فقد قتلتكُم الردة الوطنية وأنتم أضعف مما تتوهمون، شكلوا مجلسا وطنيا من أحرار عشائركم الوطنيين ليحمل رسالة انفتاح وطني ومحبة لكل ابناء هذا الوطن وسيعمر حينها الشارع ويتفعل انطلاقا من مؤتمر وطني عام يعقد، واعلموا أن الوطنية عند العربي أينما كان إذا لم تكن عروبية فهي خيانة قاتلة ولعبة المستعمر فينا.

تابعنا على
تصميم وتطوير