استيراد الكتاب الأجنبي متى نحصل عليه ؟
ثقافية
أضيف بواسطة zawraa
الكاتب
المشاهدات 1656
تاريخ الإضافة 2018/03/24 - 5:24 PM
آخر تحديث 2025/12/07 - 4:16 AM
[caption id="attachment_156567" align="alignnone" width="205"]

استيراد الكتاب الأجنبي متى نحصل عليه ؟[/caption]
الزوراء / خاص/أحمد فاضل
لا أدري لماذا لا نستورد الكتاب كما نستورد باقي السلع الأخرى ، فهل يعقل أن نستورد الطماطة والفلفل والباذنجان البطاطة والموز بالعملة الصعبة ونترك استيراده وهو الذي يشكّل غذاءاً رئيسياً للعقول ؟ ولأننا بحاجة إليه كحاجة بطوننا للسلع الغذائية التي ذكرنا قليلا منها والكثير بما فيها الخضر نستوردها دون أن تلتفت الجهات المعنية باستيراده كسلعة مهمة لا يمكن الاستغناء عنها ما ساعد على انتشار مافيا النشر المحلي باستنساخه بطباعة رديئة وكثيرة الأخطاء يتخللها الكثير من الصفحات البيضاء وأخرى بالمقلوب كما لاحظت ذلك في العديد منها . والكتاب الأجنبي الذي كانت توفره المكتبات العراقية في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم ومنها مكتبة مكنزي الشهيرة في شارع الرشيد ، كان لها الأثر في شيوعه بيد القراء سواء منهم القارئ العادي أم صاحب الاختصاص أو الذي يروم نقله من لغته الأصلية إلى العربية ، هذه المقدمة كانت ضرورية لاختيار كتاب الكاتب الأمريكي بيل غولدستين The World” “Broke in Tow ( العالم إنقسم إلى شطرين ) الصادر عن دار بلومزبري العام الماضي كنموذج حصلنا عليه بواسطة الشاعرة د . سجال الركابي التي كانت موجودة في المملكة المتحدة ولولاها لما كان بإمكاننا الحصول على مثل هذا الكتاب المهم والذي تناولته معظم الصحافة هناك بالنقل والتحليل . يقول الكاتب والناقد الإنكليزي جون مولان في مقال طويل عنه نشره في صحيفة الغارديان اللندنية بتاريخ 21 ديسمبر / كانون الثاني 2017 أن العام 1922 شهد سطوع أربعة أضواء أدبية هم ت . س . إليوت وفرجينيا وولف وإي . أم . فورستر ود . ه . لورنس ، زعزعت مفاهيمنا عن الحداثة التي بدأت بالانتشار آنذاك منذ نشر جيمس جويس “ يوليسيس “ ومارسيل بروست “ البحث عن الزمن المفقود “ الذي توفي في وقت لاحق من نفس العام ، وعندما يحكي الكتاب قصة 1922 فإنه يأخذ عنوانه من تعليق رهيب أدلت به الروائية الأمريكية ويللا كاثر في منتصف عام 1930 حول تأثير هؤلاء الكتاب على الواقع الأدبي آنذاك وقيمة اثنين من المنشورات الهامة التي أشرنا لها في ذلك العام والتي توقعت فيه “ نهاية العالم الأدبي “ ، لكن هؤلاء الأربعة خالفوا جميع التوقعات . “ العالم إنقسم إلى شطرين “ ليس هو الكتاب الأول الذي يحاول أن يروي قصة ذلك العام ، لكنه يركز على أربعة من الكتاب الذين أشرنا إليهم فقد بدأوا محبطين بشكل مختلف أو غير راضين من الاتجاه الذي توقفت عندها حركة الحداثة والتجربة التي يشتركون بها ليست إنجازا تجريبيا صاخبا ، ولكنه كان نضالا للتغلب على واقع أدبي ظل لسنوات كالبحيرات الراكدة ، إن اختيار غولدستين لهؤلاء المؤلفين زعزع مفهومنا عن تلك الحركة ،ومن بين فصول الكتاب ينتقل بنا غولدستين لحياة أولئك الأربعة الكبار حيث يطلعنا على الحياة الخاصة لكل واحد منهم فالأعطال العصبية ، والمرض المزمن ، والوحدة الشديدة ، والعزلة ، والاكتئاب لم يكن ليصيبهم لولا تعرضهم لمشاكل الحياة ووباء الأنفلونزا الذي أغرق بريطانيا ما أسفر عن مقتل الآلاف فالجميع قد أصيبوا به حتى لورانس وهو في صقلية قرر أن مرضه سوف يدفعه لأن يناضل من أجل ولادة جديدة كما قال ، أو إليوت الذي أخذ إجازة لمدة ثلاثة أشهر من عمله في بنك لويدز من أجل التعافي من “ الانهيار العصبي “ وزوجته فيفيان الذهاب إلى مارغيت حيث يقيمون في فندق ألبارمارل ليشرع في كتابة أجزاء من مسودة “ الأرض اليباب “ ، في خضم كل ذلك نجد فورستر وهو يعيش سنواته الأربعين مع والدته ليلي في ويبريدج ولدى عودته في ربيع عام 1922 يحرق كومة من الأوراق لما أسماها “ كتاباتي اللامعة “ ، حيث كان يعتقد بأن هذا قد يحرره من كتابة رواية في الماضي وربما يعمل دون أن يلاحظها أحد تقريبا من أقرانه وفي الجزء الأخير من عام 1922 قال أنه تمكن من كتابة رواية جديدة اشتهرت فيما بعد هي “ ممر إلى الهند “ نشرت في عام 1924 ، فهو الوحيد الحزين غير الواثق بنفسه الذي تبرز صورته حية بشكل متميز في هذا الكتاب النابع من اهتمام المؤلف بالأطوار الغريبة للكتّاب الأربعة الذين اختارهم بكل ما كانوا يحملونه من ضعف ، وإذا كان التاريخ الأدبي يعرف ما كان هؤلاء الكتّاب يفعلونه فإن كتاب غولدستين يوحي أنهم بالكاد كانوا يعرفون أنفسهم.