ضمن سلسلة دراسات نقدية  التي تصدرها  دار الشؤون الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة والسياحة والآثار، صدر حديثاً كتاب نقدي جديد بعنوان  الحزن دالاً شعرياً: دراسة موازنة بين نازك الملائكة ولميعة عباس عمارة ، للباحثة  الدكتورة رائدة العامري ، وهو دراسة نقدية تحليلية تسلط الضوء على تمثلات الحزن في التجربتين الشعريتين لأبرز شاعرتين في تاريخ الشعر العراقي الحديث.
يستعرض الكتاب ملامح الحزن بوصفه ظاهرة جمالية وشعورية تتجاوز الإطار العاطفي لتغدو نسقاً شعرياً عميقاً  يتقاطع مع المفاهيم الفلسفية والوجودية والاجتماعية.
تفتتح الباحثة دراستها بإطار مفهومي يستعرض صورة الحزن في الشعرية العربية القديمة، حيث كان يُجسّد من خلال غرض  البكاء على الأطلال ، بما يحمله من حساسية زمنية واستعادة لذكريات الماضي، حتى غدا هذا الغرض  مهيمنة مركزية   في نظرية عمود الشعر. 
وقد شكّل هذا التقليد الشعري خلفية ثقافية ونفسية تؤطر تمثلات الحزن عند شعراء العصر الحديث.
وتؤكد الباحثة أن  نازك الملائكة  كانت على وعي مبكر بانتمائها إلى عالم الحزن، بل إنها عبّرت عن رؤيتها للموت والتشاؤم برؤية تتجاوز فلسفة  شوبنهاور  في سوداويتها، حيث كتبت:  الواقع تشاؤمي قد فاق تشاؤم شوبنهاور نفسه، لأنه – كما يبدو – يعتقد أن الموت نعيم لأنه يختم عذاب الإنسان، أما أنا فلم تكن عندي كارثة أقسى من الموت.
في المقابل، كانت تجربة لميعة عباس عمارة الشعرية أكثر التصاقاً بالذات، وانعكست تمثلات الحزن لديها بأشكال متعددة، ضمن حدود حضورها الأدبي والثقافي داخل الجامعة، وانكفائها على تجربتها الخاصة. ورغم ذلك، فإن في المراحل الأخيرة من حياتها، عبّرت لميعة عن حزنها بشكل أكثر وضوحاً ووجودية.
يتألف الكتاب من 216 صفحة من القطع الكبير، ويضم:  مقدمة  بعنوان: القيمة الشعرية للحزن – مدخل مفهومي
الفصل الأول: اللغة الشعرية    الحزن والتكثيف اللغوي  * تشكيل المعجم الشعري  * تشكيل الجملة الشعرية الفصل الثاني: الرؤية الشعرية
  * إشكالية الذات والموضوع  * المستوى الذاتي * المستوى لموضوعي
الفصل الثالث: البناء الشعري  * الحزن والتشكيل الفكري  * المستوى الرومانسي  * المستوى الوجودي وقد صُمم غلاف الكتاب بريشة الفنانة زينب مهدي حسن، فجاء متماهياً مع الأجواء الحزينة والأنثوية التي تطبع أعمال نازك ولميعة، ليُضفي لمسة بصرية مكملة للبعد الجمالي في النص.