كلنا قساة «شلع قلع». هذا هو نمط الشخصية العراقية التي شرشحها عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي في العديد من كتبه لاسيما «وعاظ السلاطين» و «دراسة في طبيعة المجتمع العراقي» وسواها من الكتب الأخرى بمن في ذلك اللمحات التي تناولت جوانب بعضها طريف وآخر مأساوي من تلك الشخصية ذات المعايير المزدوجة فضلا عن تناقضها الحاد بين قيم البداوة وقيم الحضارة. قساوتنا كعراقيين تظهر في أشكال وأنواع وطرائق السلوك اليومي بمن في ذلك مانوجهه من نقد أو إنتقاد ربما يصل حد الهجوم. لن أذهب بعيدا وساكتفي بمثالين لايزال الجدل والنقاش يدور بشأنهما في مواقع التواصل الاجتماعي, أحد المثلين يخص أثنين من الإعلاميين ممن كانوا أصدقاء ذات يوم. لكن ماذا حصل بعد أن دب بينهما الخلاف؟ كلاهما للأسف نزل الى مستويات لاتليق بهما ولا بتاريخهما الثقافي والإبداعي «كلاهما شاعر».
الخلاف أمر طبيعي بين الناس خصوصا أن هذا الخلاف لايتعلق بما هو شخصي «كأن يكون عركة في مكان معين خاص أو عام أو خلاف حول ملك أو وظيفة» إنما الخلاف أصله تعبير عن موقف سياسي بدا مختلفا لكليهما. وحيث أن كل واحد منهما يملك الحق في التعبير عن موقفه السياسي من هذا الطرف أو ذاك وقد تكون اللغة حادة لكن في بعدها السياسي الطبيعي فإن أحدا لن يلومهما في حال بقي الخلاف في هذه الحدود. ففي التاريخ قرأنا الكثير من المعارك الفكرية والسياسية والأدبية التي كان لها أثر كبير في تطور الفكر والأدب واللغة والتاريخ. لكن أن يصل الأمر الى ماهو شخصي بحت فهذا أمر مؤسف بل مؤسف جدا لأنه لن يؤسس الإ للقطيعة ويورث البغضاء لاسيما النبش في التاريخ الشخصي «من كان منكم بلاخطيئة فليرجمها بحجر».
الأمر الآخر أن إحدى السيدات أعلنت ربما بعفوية غير مقصودة أنها محاربة من قبل أميركا وأسرائيل لأنها ترتدي العباءة. كلنا «كبينا» عليها مثل الزنابير.. تهكم وسخرية ونقد حاد وكإنها «سبت» العنب الأسود. حتى كاتب هذه السطور دخل في «المود» بتغريدة قال فيها «من وعينا بيبياتنا وأمهاتنا وعماتنا وخالاتنا وأخواتنا والآن زوجاتنا يرتدين العباءة أشو ماحاربتهن أميركا وإسرائيل». بصراحة أنا شخصيا «ندمان» على تلك التغريدة لأن المسألة ابسط بكثير مما صورناه وكبرناه بينما كل مافي الأمر أن السيدة لم تكن موفقة في التوصيف لا أكثر. لسنا بحاجة الى معرفة سر هذه القسوة لدى العراقيين. إنه المناخ يا .. ذكي.