رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الأزمة تشتد والانفراج مستحيل


المشاهدات 1414
تاريخ الإضافة 2025/07/14 - 10:04 PM
آخر تحديث 2025/07/18 - 6:27 AM

  تكثّفت في المدّة الأخيرة الأخبار التي تفيد أنّ دول أوروبا ومعها بريطانيا يجهّزون أنفسهم وكأنهم قاب قوسين من الدخول في حرب ضدّ «عدوّ» هلامي وغير محدّد .  ويبدو مع مرور الأيام أنّ الإطار العام لهذه التجهيزات هو ما تراءى لهم من إحتمال أنّ روسيا الإتّحادية تحضّر ل»عدوان واسع « على دولها بدءا بدول البلطيق .   ولتبرير النفقات المذهلة لهذه التجهيزات ، ابتدعت المنابر الإعلامية والسياسية في بعض الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا وألمانيا سرديات تفيد هذا المنحى الخطير ، وقد غذّت هذه المنابر المواقف والتصريحات السياسية الصادرة عن قيادات وزعامات هذه الدول ، وأصبح المواطن الأوروبي يعيش في مناخات «حرب داهمة» .
 وتستعدّ دول الغرب الليبراليتين أوروبا إلى تعديل موازناتها السنوية على فرضية الحرب المؤكّدة .
 ورغم أنّ ظاهرة الزياد في الإنفاق العسكري تكاد تكون ظاهرة كونية ، إلّا أنّها اكتست في أوروبا طابعا أكثر حدّة ، إذ شهد هذا الإنفاق إرتفاعا بنسبة 17 في المائة بحسب تقرير صدر مؤخرا عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ، وسجل الإنفاق العسكري العالمي في عام 2024 قفزة غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة ليبلغ 2.7 تريليون دولار حسب ذات التقرير.
 وتخطّط ألمانيا لزيادة الإنفاق العسكري لأكثر من 60 مليار يورو سنويا اعتبارا من عام 2025 ، ومثلها فرنسا التي أعلن رئيسها ايمانويل ماكرون الأحد عن النية في زيادة الإنفاق العسكري ليبلغ 64.4 مليار دولار في حدود 2027 ، وكذلك الأمر بالنسبة لبريطانيا التي تعتزم زيادة الإنفاق العسكري ليبلغ  3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2034 .
 الواضح إذن أنّ طبول الحرب تُدقّ ولا تنتظر أنّ يوقفها بعض “العقلاء”  رغم «النوايا الطيّبة» والمعلنة لأسباب مختلفة لبعض القادة الغربيين ، ذلك أنّ ماكينة الإقتصاد في دول الغرب الليبرالي أخذت دون رجعة ، فيما يبدو ، طريق الاقتصاديات الحربية التي تفترض حتما الزيادة في الإنفاق العسكري والتقليص الإجباري في خدمات الدولة الأساسية والإجتماعية للمواطن الغربي والتي تشكو أصلا من النقصان ، ما يفسّر إلى حدّ كبير الحراك المجتمعي في عدد من هذه الدول الأوروبية وصعود اليمين المتطرف الشعبوي في بعضها .
 إنّ الفشل الحكومي في إيجاد الحلول الملائمة للأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لبعض الدول دفعت وتدفع باتّجاه عمليات الهروب إلى الأمام التي من شأنها تجنيب أصحابها ،  الذين يفتقدون الحلول الضرورية ، مجابهة مباشرة للأزمات  بما يمكّنهم من ربح بعض الوقت وترحيل الأزمات إلى آجال لاحقة ، وهو ما يشدّد الأزمات ولا يفتح أبواب الأمل في إنفراج قريب لها ، وإنّ قول ابن النحوي ، « اشتدّي أزمة تنفرجي… قد أذن ليلك بالبلج « قد يفقد معناه التفاؤلي في ضوء منطق الحرب الذي يسود .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير