رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
دمشق وتل أبيب.. فرص التطبيع وحدود «التنازلات»


المشاهدات 1116
تاريخ الإضافة 2025/07/02 - 10:31 PM
آخر تحديث 2025/07/13 - 1:44 AM

يعود التطبيع بين «إسرائيل» وسوريا مجدداً إلى صدارة المشهد، مع تصريحات متوالية لمسؤولين أمريكيين وآخرين إسرائيليين وسوريين، يستعرضون فرص وشروط التوصل لاتفاقية سلام بين الجانبين اللذين لطالما اتسمت العلاقة بينهما بالعداء.
فمع سقوط نظام الأسد، سادت في تل أبيب حالة من عدم اليقين تجاه الحكومة الجديدة في دمشق، وتصرفت حكومة الاحتلال بطريقة مستفزة، مدشنةً حرباً من طرف واحد على سوريا، إلا أن الإدارة السورية حافظت على هدوئها في وجه هذا التغول الإسرائيلي.
هذا الهدوء الاستراتيجي الذي اتبعته دمشق، وحرصها على عدم الدخول في صراع مع «إسرائيل» وانشغالها بتضميد جراحها، ومعالجة مخلفات الحرب وملفاتها الداخلية، خلق توقعات وحالة من الطمأنينة إقليمياً، وقبولاً غربياً، فما مدى إمكانية السلام بين دمشق وتل أبيب، وما حدود التنازلات المطلوبة من الطرفين.
لا تخفي «إسرائيل» رغبتها في التوصل إلى اتفاق سلام مع سوريا وأيضاً لبنان، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في مؤتمر صحفي ،مضيفاً: «ستبقى الجولان جزءاً من دولة إسرائيل».
وقال ساعر إن «إسرائيل» لا يمكن أن تتفاوض على وضع هضبة الجولان في أي اتفاق سلام مع سوريا، مشيراً إلى أن لدى «إسرائيل» مصلحة في ضم دول مثل سوريا ولبنان، إلى دائرة السلام والتطبيع، مع الحفاظ على مصالحها الأساسية والأمنية.
وقبل أيام قال ساعر لقناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، إنه إذا توافرت فرصة لتوقيع اتفاق سلام أو تطبيع مع سوريا، فإن الأمر سيكون إيجابياً لمستقبل «إسرائيل» شريطة بقاء الجولان تحت سيطرة الاحتلال.
القناة نفسها نقلت عن مصدر سوري مطلع، قوله إن «إسرائيل» وسوريا ستوقعان اتفاقية سلام قبل نهاية عام 2025، وإن من شأن هذه الاتفاقية تطبيع العلاقات بالكامل، لافتاً إلى أن مرتفعات الجولان التي تحتلها ستكون «حديقة سلام».
المصدر السوري قال إنه بموجب الاتفاقية المرتقبة، ستنسحب «إسرائيل» تدريجياً من جميع الأراضي السورية التي احتلتها بعد غزو المنطقة العازلة في 8 ديسمبر 2024، وضمن ذلك قمة جبل الشيخ.
وفي مايو الماضي، كشف الرئيس السوري أحمد الشرع، في مؤتمر صحفي بقصر الإليزيه الفرنسي، عن مفاوضات غير مباشرة تجري مع «إسرائيل» عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع وعدم خروجها عن السيطرة.
كما كشفت مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» أواخر مايو الماضي، أن «إسرائيل» وسوريا عقدتا لقاءات مباشرة في محاولة لخفض التوترات ومنع اندلاع صراع في المنطقة الحدودية.
ولطالما أكدت القيادة السورية في أكثر من مناسبة، أن سوريا لن تشكل تهديداً لأي طرف خارجي، وضمن ذلك «إسرائيل»، لكن دولة الاحتلال ظلت متوجسة من دمشق، واستمرت في سياساتها التوسعية في الجولان والقنيطرة ومناطق أخرى جنوب البلاد، فضلاً عن قصف مكثف في مناطق سورية.
وتحدث المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، مؤخراً، عن محادثات تجري «بهدوء» بين الإدارة السورية الجديدة و»إسرائيل» حول جميع القضايا.
المبعوث الأمريكي قال لقناة «الجزيرة» إن حكومة الشرع لا تريد الحرب مع «إسرائيل»، داعياً إلى إعطاء فرصة للإدارة السورية الجديدة.
وتلعب الولايات المتحدة الأمريكية دوراً محورياً في تهيئة الأجواء لاتفاق بين دمشق وتل أبيب، وتظهر إدارة الرئيس دونالد ترامب اهتماماً بنظام الحكم السوري الجديد، باعتباره مؤهلاً لإحلال السلام في سوريا، بعد التخلص من عقدة النفوذ الإيراني والروسي هناك.
وفي وقت سابقٍ هذا الشهر، نقل موقع «أكسيوس» الأمريكي عن مسؤول إسرائيلي، قوله إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طلب من مبعوث الرئيس الأمريكي إلى سوريا، أن تتوسط واشنطن في مفاوضات مع دمشق.
ووفق المسؤول الإسرائيلي، فإن نتنياهو يسعى إلى اتفاق أمني مع سوريا، وصولاً إلى اتفاق سلام شامل، مشيراً إلى تواصل غير مباشر تم مؤخراً برعاية تركية بين الجانبين.
ورغم المفاوضات غير المباشرة بين سوريا و»إسرائيل»، والمستمرة على ما يبدو، فإن دمشق ليست جاهزة كما يبدو للتوصل إلى اتفاق دائم مع تل أبيب، وفق مصادر سورية قريبة من الحكومة تحدثت لصحيفة «الشرق الأوسط».
المصادر قالت إن سوريا تطالب بوقف الاعتداءات والتوغلات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، والعودة إلى اتفاق 1974، في حين تريد «إسرائيل» إنشاء منطقة عازلة، مرجحةً أن يتم التوصل إلى اتفاقية أمنية جديدة، تُمهّد لاتفاق سلام شامل مستقبلاً.
وقالت المصادر إنه من المستبعد أن يتم التوصل إلى اتفاق دائم، لكنها لم تنف أيضاً إمكانية التوصل إلى اتفاق أمني يمهد الطريق لسلام دائم أو الالتحاق بالاتفاقات الإبراهيمية، وسط تعويل سوري على دور عربي يحافظ على السيادة السورية.
ولفت الباحث السوري وائل العجي، في تصريح لـ»الشرق الأوسط»، إلى أن السلام الشامل مع «إسرائيل» مسألة سابقة لأوانها حالياً، مشيراً إلى أن هناك أولويات أخرى أكثر إلحاحاً لدى الحكومة السورية الجديدة.
ويؤيد هذا الطرح، الدكتور سمير العبد الله، مدير قسم تحليل السياسات في مركز «حرمون» للدراسات المعاصرة، والذي قال إنه من الممكن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، لكن هذا لا يعني التطبيع الفوري.
وقال العبد الله في تصريح لـ»الخليج أونلاين»: «أعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، ولكن من المهم أن نفهم أن الاتفاق لا يعني التطبيع الفوري، فالتوصل إلى تطبيع العلاقات يتطلب حل عديد من الملفات المعقدة، على رأسها ملف الجولان، الذي لا يزال يشكل نقطة خلاف جوهرية».


تابعنا على
تصميم وتطوير