رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الليلة الأولى في سراييفو


المشاهدات 1200
تاريخ الإضافة 2025/06/29 - 9:29 PM
آخر تحديث 2025/07/01 - 5:09 AM

تُلقب سراييفو، عاصمة البوسنة والهرسك، بـ « زهرة البلقان» لما تتميز به من جمال طبيعي أخّاذ، فهي محاطة بسلسلة من جبال الألب الدينارية، تشبيهاً بجبال الألب الأوروبية، ونسبة إلى جبل دينارا الواقع على الحدود الكرواتية البوسنية. أبرزها جبلا تريبيفيتش وإيغمان، وجبل بيلاشنيتسا الذي استضاف دورة الألعاب الاولمبية الشتوية عام 1984 ايام يوغسلافيا. يتوسط المدينة نهر ميلياتسكا، أو ميلجاكا، الذي تربط بين ضفتيه جسور صغيرة جميلة، أشهرها جسر اللاتين، حيث وقع حادث اغتيال ولي عهد الإمبراطورية النمساوية المجرية. مناخ سراييفو معتدل صيفاً، إذ نادراً ما تتجاوز درجات الحرارة 30 درجة مئوية نهاراً، بينما تنخفض شتاءً إلى ما دون الصفر ليلاً، مما يمنحها طابعاً مميزاً في  فصول السنة كلها. 
 جاءت زيارتي لسراييفو هذه المرة، بمحض المصادفة، إذ رتّب لي ابن أخي، عمار تركي، هذه الرحلة بعد أن أوجد عملاً لشركته التجارية في مدينة كونيتس، القريبة من العاصمة. وقد استأجر منزلاً في حي أليجا، أحد الأحياء السكنية الهادئة، اقمتُ فيه مع ابنه أيمن « الرحّالة الصغير»، الذي زار معظم العواصم الأوروبية وهو في الثانية والعشرين من عمره، وسافر إلى إسبانيا عدة مرات لحضور مباريات ناديه المفضل، برشلونة. ورث أيمن حب السفر من جدّه المعلّم، الذي أُعير للتدريس في مدينة عنّابة الجزائرية مطلع سبعينيات القرن الماضي، وعند انتهاء عمله، اصطحب زوجته وأطفاله الخمسة على متن سفينة إلى فرنسا، ومنها اشترى سيارة صالون «بيجو 404»، قادها عبر أوروبا، وصولاً إلى بلغاريا، ومنها إلى اسطنبول، عابراً مضيق البوسفور على متن عبّارة، قبيل افتتاح أول جسر يربط بين أوروبا وآسيا، ليواصل رحلته باتجاه الحدود العراقية. سهَّل لي أيمن رحلتي الحالية، وقد قاد قبل أيام سيارته لمسافة ألف كيلومتر من سراييفو إلى إسطنبول لزيارة عائلة عمه المقيمة فيها، ثم عاد سريعاً عبر بلغاريا وصربيا، ليكون في استقبالي بمطار سراييفو في الموعد المحدد، السابعة من مساءً الخميس 12 يونيو/ حزيران الحالي. كان ذلك قبل نحو ثماني ساعات فقط من القصف المفاجئ الذي شنّه الكيان الإسرائيلي على طهران، معلناً بداية الحرب التي استمرت اثني عشر يوماً، بعدد أيام رحلتي تماماً، مما سبب في ارباكها وتغيير توقيتاتها مراراً .
 في الليلة الأولى، لم أرغب في الراحة رغم تأخر الوقت، وأول ما طلبته من مضيفي أن يصحبني في جولة سريعة داخل سراييفو، لعلني أتذكر فيها بعض المعالم التي زرتها أيام كنتُ طالباً جامعياً، وأن يأخذني إلى مكان اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند عند جسر اللاتين، في ذلك اليوم المصيري، الأحد 28 يونيو/ حزيران 1914، وهو الحادث الذي أشعل بعد شهر واحد بالضبط، شرارة الحرب العالمية الأولى.


تابعنا على
تصميم وتطوير