ما فتئت الحرب الإيرانية مع الكيان الصهيوني تنذر بالتوسّع الذي يفتح على مصراعيه أبواب الحرب الإقليمية ذات التداعيات الدولية الواضحة
وقد أدّى التدخّل الأمريكي في الحرب، بقصف مواقع نووية إيرانية، من حدّة هذه المخاطر ، رغم ما يتردّد من أنّ هذا التدخّل الأمريكي كان لإسكات المطالبات المتصاعدة من أجل الدخول في الحرب إلى جانب دولة الإحتلال ، وهو إلى جانب ذلك لمواجهة الضغط العالي الذي تمارسه الدوائر الصهيونية على الرئيس الأمريكى دونالد ترامب .
وإذا كان المطلب الصهيوني الأوّل هو القضاء على المقدرات النووية الايرانية ، فإنّ المنطق يقول بأنّ العدوان الأمريكي يمكن أن يكون نهاية مقبولة للحرب الإسرائيلية ، ولكنّ حكومة الاحتلال بقيادة ناتنياهو ، أصبحت تطالب بوضوح بهدف سياسي لا يحوز إجماع الداخل الإسرائيلي، فضلا عن الأطراف الدولية وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأمريكية بحسب ما يبدو من تصريحات ومواقف معلنة .
ولأنّ جشع الكيان الصهيوني ورغبته الجامحة في الحرب لا حدود له، فإنّه من غير المتوقّع أن يتوقّف جيش الإحتلال عند ما نشاهده اليوم من عدوان ، وسيسعى على الأرجح أن يورّط أطراف أخرى في هذا النزاع ، بما يُطيل أمد الحرب ، وبما قد يدفع أمريكا إلى الدخول بثقلها في هذا النزاع ويوسّع من نطاقه على نحو يضع إقتصاديات دول المنطقة وربّما العالم أجمع في وضع الخطر الجسيم .
إنّ الهمّ الأساسي لدولة الإحتلال هو إدامة الحروب الخارجية لتفادي أن يجد المجتمع الإسرائيلي في مواجهة تناقضاته الداخلية، وهي تناقضات ذات طابع تناحري ولا تقبل أيّ شكل من أشكال التجاوز .
ومن نوافل القول إنّ دولة الإحتلال لا يستقيم دوامها واستقرارها النسبي في محيط إقليمي ودلي مستقرّ ومنصرف إلى التنمية التي تضمن الشروط الدنيا للحياة وربّما تحقّق الشروط الأساسية لرفاهية المجتمعات .
وللأسف فإنّ دول الغرب الليبرالي تأبى على نفسها القبول بهذه البديهية، وتسعى مقابل ذلك إلى تغليف فظاعات الكيان الإسرائيلي وتبرير سياساته، وهذا لا يخدم الأمن والإستقرار في العالم ولا ينسجم مع المنظومة القيمية التي «بشّر» بها هذا الغرب الليبرالي الذي حطّم كلّ الأرقام القياسية في إزدواجية الخطاب والمواقف.