رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الطائرة الأخيرة


المشاهدات 1617
تاريخ الإضافة 2025/06/22 - 10:35 PM
آخر تحديث 2025/06/28 - 2:59 AM

كان كل شيء يبدو طبيعياً في ذلك الصباح المشمس، فلم يكن أحدٌ من المسافرين عبر مطار بغداد الدولي يتوقع، ولو للحظة واحدة، أنه النهار الأخير قبل أن يُغلق في وجه جميع الرحلات، بسبب الصواريخ المتطايرة في الأجواء العراقية. وفيما كنتُ استلقي على مقعدي في الرحلة 843 التابعة للخطوط التركية، والمتجهة إلى مطار إسطنبول كمحطة ترانزيت لمدة خمس ساعات، تمهيداً لمواصلة رحلتي إلى سراييفو، عاصمة البوسنة والهرسك، نظرتُ إلى ساعتي بانتظار إقلاع الطائرة في حدود العاشرة والنصف من صباح الخميس، 12 حزيران الجاري، على أمل العودة بعد أسبوعين. فقد كان حجزي ذهاباً وإياباً على الـ Turkish Airlines من بغداد إلى سراييفو وبالعكس. ولم أكن أعلم آنذاك أنها ستكون الطائرة التركية الأخيرة التي تغادر مطار بغداد، قبل اغلاقه بأقل من 17 ساعة .
في مطار إسطنبول الواسع، انقضت الساعات الخمس دون ضجر، كان بحوزتي، من رحلات سابقة إلى تركيا، مبلغ ألفي ليرة تركية. توقعتُ أنها لا تزال تُعّد مبلغاً جيداً كما كانت قبل عامين، لكنني فوجئتُ بأنها لا تكفي لوجبة غداء واحدة في فرع لأحد المطاعم التركية الشهيرة، وبالكاد كنتُ أستطيع شراء سندويش بأقل من 500 ليرة. صحيح أن الأسعار في المطارات عادةً ما تكون مضاعفة ، لكن ذلك يعكس أيضاً ارتفاع الأسعار في تركيا، بعد أن بلغ سعر صرف ورقة المائة دولار نحو أربعة آلاف ليرة . عند البوابة E4، انتظرتُ مواصلة الرحلة. كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، ورحلة سراييفو لا تستغرق أكثر من ساعتين، لكن عند هبوط الطائرة في مطار المدينة، كان النهار لا يزال مضيئاً، إذ إن توقيت سراييفو متأخر بساعة عن توقيت إسطنبول، كما أن نهارها طويل يمتد لأكثر من 15 ساعة. وفي طريقي إلى سراييفو، استعدتُ ذكريات زيارتي الأولى لهذه المدينة قبل ثمانية وأربعين عاماً .كان ذلك في شباط عام 1977،  وكنتُ وقتذاك طالباً جامعياً. والسبعينيات في العراق أعوام رخاء ورفاه، تتيح للطالب السفر مدعوماً بتصريف حكومي، وتخفيض يصل إلى 50% على تذاكر الخطوط العراقية. وكان زميلي محمود شنيشل، رفيقي في تلك الرحلة، إلى جانب معلمنا في التصوير الفوتوغرافي، الفنان زهير شعوني. كنا نتلقى على يديه بصفتنا طلبة في جامعة بغداد دروساً نظرية وعملية في التصوير، ومعنا مجموعة من الطلبة والطالبات المشاركين في دورات بحسب هواياتهم واهتماماتهم.
بدأت رحلتنا إلى باريس، ثم بالقطار إلى روما، ومنها إلى بلغراد، وصولاً إلى مدينة سراييفو، حيث كان بانتظارنا صديقنا عماد عبود عباس، الذي يدرس الزراعة فيها. وكانت آنذاك إحدى مدن جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية، زمن الماريشال تيتو ، قبل أن تتفكك بداية التسعينيات .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير