رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
كارثة إعادة التاريخ


المشاهدات 1410
تاريخ الإضافة 2025/06/02 - 9:42 PM
آخر تحديث 2025/07/02 - 4:13 AM

نفّذت القوات الأوكرانية الأحد الماضي عملية عسكرية خطيرة وعلى غاية من الأهمّية ، إذْ قامت بالإغارة على قواعد عسكرية في عمق التراب الروسي وتبعد إحداها أكثر من أربعة آلاف كيلومتر عن موسكو ، وتسبّبت هذه الغارة في التدمير الكامل لأربعين طائرة بها عشر طائرات قادرة على حمل أسلحة نووية، بالإضافة إلى أضرار أخرى .
وقد أمكن لأوكرانيا تنفيذ هذه العملية بفضل نجاحها في تسريب عدد من الطائرات المسيرة «الإنتحارية» والتي لم تتمكّن الاستخبارات الروسية من رصدها رغم توغّلها إلى عمق الأراضي الروسية في سيبيريا.
ويقدّر الملاحظون أنّ هذه العملية تعد كسبا عسكريا واستخباريا وسياسياً لأوكرانيا التي خسرت مواقع عديدة ميدانيا ، غير أنّ البعض الآخر يرى أنّ هذه العملية قد تثير حفيظة الاتحاد الروسي وتدفعه إلى القيام بعمليات عسكرية إنتقامية واسعة النطاق، وقد تكون ذات طبيعة غير تقليدية .
وفي مثل هذه الظروف تمّ إستحضار فواجع قصف الولايات المتحدة لليابان بالنووي في نهاية الحرب العالمية في 1946 ، لمّا إستهدفت مدينتي هيروشيما وناغازاكي، وقد برّرت واشنطن ذلك بكونه الحلّ الوحيد للتسريع بإنهاء الحرب وفرض توقيع الاستسلام على اليابان ، ولكن التاريخ يحتفظ بأنّ السبب الحقيقي لسلوك أمريكا هو إتّجاه اليابان خلال فترة الحرب العالمية الثانية للإعتماد على الهجمات الانتحارية لمواجهة السفن الأمريكية بعرض المحيط الهادئ ، وهو حلّ بائس لجأ له اليابانيون أواخر الحرب أملاً في تكبيد الأمريكيين خسائر جسيمة .
ويُخشى أنّ أوكرانيا، مسنودة بعدد من قادة أوروبا ومن بريطانيا وكندا تدفع من حيث تدري ومن حيث لا تدري، إلى إحراج المارد الروسي بما قد يُجبره على الردّ بقوّة قد تصل إلى إستعمال «النووي التكتيكي» ، وبما قد يتسبّب في توسيع نطاق الحرب وتغيير طبيعتها التقليدية .
ولا يبدو أنّ بعض المتدخلين مباشرة أو بطريقة غير مباشرة مقدّرين لخطورة الوضع ولطبيعة المتغيّرات على مستوى الخارطة النووية في العالم ، التي إتّسع نطاقها بعد فشل المجموعة الدولية الذريع في الحدّ من الانتشار النووي الذي يهدّد في العمق الوجود الإنساني على الأرض .
وإذا كانت الولايات المتّحدة انفردت سنة 1946 بتملّك النووي وكانت صاحبة الريادة في ذلك ، فإنّ النووي الآن يكاد يكون منتشرا في كلّ مناطق العالم ، ومن ذلك فرنسا وبريطانيا في أوروبا تحديدا ، وهو ما يعني أنّ إستعماله أو التلويح بذلك من شأنه أن يُشعل فتيل حرب نووية مدّمرة للعالم بأجمعه، وحريّ بنا أن نستحضر مقولة أحد العظماء بأنّ «إعادة التاريخ لا تكون إلّا في شكل كارثة ومهزلة».
 


تابعنا على
تصميم وتطوير