تتحقق العدالة حين ينبري للأمور قادة يتسمون بالحزم والعزم والضمير والرغبة في تحقيق متطلبات العدالة بين المتخاصمين حيث يتصدى رجال القضاء لمسؤوليات جسيمة وعظيمة في هذا الشأن ويكون لهم صولات وجولات لا محاباة فيها ولا مجاملة ولا رضوخ لضغوط وإملاءات ، وتصدر الأحكام من رحم الضمير وصدق العزيمة، وتعلمنا من تجربتنا الثرة في مجال الصحافة والإعلام والتواصل مع دور العدالة أن نكون صادقين في الطرح ولا نحابي لمصلحة خاصة أو رغبة عابرة خاصة حين نتواصل مع مهماتنا في المحاكم ومنها محكمة إستئناف الرصافة ومحكمة الإعلام والنشر خاصة التي تنبري لإصدار أحكام تمنع الجور والتسلط أو محاولات الإقصاء أو الضغط والترهيب الذي يريد البعض أن يجعله القانون السائد وفقاً لمعادلة القوة والنفوذ والهيمنة السلطوية والمالية التي يحتفظ بها البعض ويستخدمونها كما يشتهون . منذ تسنم الأستاذ القاضي عماد الجابري المحترم رئاسة محكمة إستئناف الرصافة التي تتولى مهام قضائية عدة وتنظر في منازعات وخصومات مختلفة وتتم فيها مراعاة الظروف الإنسانية حيث العدالة الإنسانية في أبهى صورها بإعتبار ان الرحمة روح القانون ولا يتحقق القانون لمجرد أن ندين هذا ونبريء ذاك بل من أجل أن تتحقق العدالة كاملة لأن الناس يعيشون ظروفاً مختلفة وتبدر منهم سلوكيات وأفكار متناقضة وتصدر منهم مواقف وأفعال قد تتم معالجتها قانونياً وربما تعددت أشكال الأحكام وفقاً لنوع المنازعة والخصومة والشكوى المرفوعة والأدلة المقدمة . بوصفنا خبراء قضائيين وصحفيين نتوجه في الغالب إلى محكمة الإعلام والنشر برئاسة القاضي المحترم حيدر منصور حلواص، وهي من المحاكم التي كان لها دور حيوي ومهم وإستثنائي لأنه إرتبط بمتغيرات سياسية وإجتماعية وترسيخ مفاهيم مرتبطة بالديمقراطية وحرية التعبير والعمل الصحفي وإنتشار وسائل الإعلام من صحف وقنوات فضائية ووكالات أنباء ومواقع إلكترونية ومواقع تواصل إجتماعي متعددة أتاحت للناس التعبير عن أفكار وتدوينات وآراء مع وجود تشابك سياسي وثقافي غير مسبوق في بلاد كانت لعقود تعيش سلوكا سياسياً إرتبط بنظام دكتاتوري مستبد لا يتيح الفرصة للتعبير والتظاهر السلمي، وكان يملأ البلاد بالسجون والمعتقلات والزنازين والأقبية المظلمة وبالتعذيب والقتل والمقابر الجماعية والنفي والتجويع والتهجير والتمييز العرقي والطائفي المقيت الذي فرق العراقيين وجعلهم يعيشون في جمهورية خوف دائم .أصبح من الطبيعي أن تتلقى محكمة النشر والإعلام العديد من الشكاوى المتعلقة بحرية التعبير بدعوى الإساءة والشخصنة والتشهير والقذف والشتم، وهناك العشرات من الصحفيين والكتاب يتلقون بلاغات بتقديم شكاوى من سياسيين وشخصيات معنوية ومادية معروفة وأصحاب مناصب، وكانت أغلب تلك الدعاوى ترد لأن حرية التعبير بالنسبة للقضاء العراقي خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وقد ردت المئات من تلك الدعاوى في مناسبات عدة وهو دور عالي المسؤولية يقوم به القضاء ورجاله المحترمون الرائعون الذين كانوا دائماً على مستوى المسؤولية وخاصة القاضي حيدر منصور رئيس المحكمة وملاكها الذي يتولى مسؤولياتها وينجزها على أكمل وجه ممكن .