رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
من الرولز رويس الى الدودج فالكاديلاك مواطن يحتفظ بأفخم السيارات الكلاسيكية


المشاهدات 1194
تاريخ الإضافة 2025/05/31 - 10:48 PM
آخر تحديث 2025/06/04 - 3:23 PM

وسط أحد أرياف محافظة بابل ، يجمع جعفر سلمان عيدان منذ أكثر من عقد السيارات القديمة المولع باقتنائها، ومن بينها “رولز رويس” و”بيجو” و”دودج” و”كاديلاك”، ويحافظ عليها بدافع من حبه للتراث العراقي، مضفيًا البهجة بين السكان.
جعفر ليس مجرد هاوٍ، بل مؤرخ ميكانيكي يرى في كل سيارة قصة وطن وذاكرة أمة، ويُعتبر حتى اليوم العراقي الوحيد الذي يمتلك 11 سيارة كلاسيكية في آن واحد.
بدأ شغف جعفر قبل أكثر من 12 عامًا، حين تحوّل حب السيارات القديمة إلى مشروع شخصي لحفظ التراث، إذ يقول إن “كل سيارة عندي ليست حديدًا ومحركًا، وإنما هي قصة وشاهد على زمن ذهب، وهي ليست للبيع، ولم أفكر بهذا أبدًا”.
ويجمع ويرمم السيارات، بدءًا من السمكرة والدهان، وانتهاءً بالإكسسوارات الأصلية التي يستوردها خصيصًا من أميركا، رغم ما يتطلبه ذلك من وقت وجهد وانتظار.
يقول إن “مجموعته تضم سيارات يتراوح تاريخ تصنيعها بين عامي 1934 و1964، ولكل واحدة منها حكاية،” مبينًا أن “بعض السيارات كانت تابعة لملوك ورؤساء، وأخرى كانت مملوكة لشخصيات عراقية مرموقة. هي ليست مجرد سيارات، بل هي وثائق على عجلات”.في متجره لقطع غيار السيارات بالقرب من مدينة الإسكندرية التي تبعد 60 كيلومترًا جنوبي بغداد، يعرض سياراته الكلاسيكية، ومنها سيارات سباق بألوان زاهية.في المجمل، يمتلك الرجل الخمسيني نحو عشر سيارات، من بينها سيارات رياضية أميركية وأخرى أوروبية فاخرة، بعضها يعود تاريخه إلى ثلاثينات القرن العشرين، والبعض الآخر إلى الستينات منه.
ومن بين هذه السيارات “فورد” زرقاء فيروزية متوقفة بجوار سيارة “أم جي” صفراء وسوداء، إلى جانب سيارة “أولدزموبيل” وردية أنيقة.
ويقول “أنا أحب السيارات الكلاسيكية القديمة، وأعشق التراث العراقي والحفاظ عليه”.
ويطلب جعفر سلمان عيدان بعض قطع الغيار التي يحتاجها لصيانة السيارات من الولايات المتحدة، ويستغرق وصولها تاليًا أربعة أو خمسة أشهر.
ويضيف إن سيارته “رولز رويس” ذات اللونين البيج والأحمر، والتي يعود تاريخها إلى عام 1934، “لا تزال تحمل لوحة تسجيل العهد الملكي” الذي أُطيح به عام 1958.
ويتابع سلمان، الأب لخمسة أطفال، قائلًا “أعتز باللوحة الملكية ولم أكن أرغب حتى في البدء في إجراءات تغيير اللوحة،” وهو إجراء إداري تفرضه السلطات كل بضع سنوات.
وتصل تكلفة بعض المركبات العتيقة التي يشتريها إلى 15 ألف دولار، وتحتاج إلى إعادة صيانة وطلاء. ويوضح أن بعض السيارات تُباع بنحو 50 ألف دولار أو 60 ألفًا بعد إعادة تأهيلها.ومن بين ممتلكاته الثمينة سيارة “ديسوتو” (“كرايسلر”) موديل 1948، التي يقول إنها كانت هدية من الملك فاروق “ملك مصر والسودان” إلى العاهل السعودي عبدالعزيز آل سعود. ويؤكد أن أحد الهواة عرض عليه شراء هذه السيارة لقاء 140 ألف دولار، لكنه رفض بسبب قيمتها التاريخية.
ويشير إلى أن لديه “خمس سيارات غير موجودة في العراق كله”.أول ما اقتناه كان سيارة “شيفروليه” موديل 1958، كانت مملوكة للمطربة العراقية عفيفة إسكندر، التي كانت تتمتع في بلدها بشهرة مشابهة لشهرة كوكب الشرق أم كلثوم.
ولإجراء عملية الصيانة، يستعين بميكانيكيين أو حرفيين متخصصين، وأحيانًا يقصد بغداد التي تبعد مسافة ساعة عن منزله، ولا يتردد إذا لزم الأمر في أن يستعين بمتخصصين من مدينة الموصل التي تبعد خمس ساعات شمالًا.
ويقول هذا الرجل الذي يبذل جهودًا استثنائية “بغض النظر عن مدى صعوبة تصليح هيكل السيارة، والطلاء، وتأمين قطع الغيار، عندما ينتهي الأمر وتبدو السيارة في أبهى حلّتها، يزول كل التعب.
وحين تمر سيارته على الطريق، تجذب الانتباه ويتوقف المارة لالتقاط صورة “سيلفي” ذاتية.
وبهذا الصدد يقول سلمان “هذا ما يجعلنا مهتمين بهذه السيارات: نخرج في الشارع ونرى الابتسامة والفرحة بين الناس صغارًا وكبارًا”. ويضيف “قد يقترب منك رجل مسن، أو تقول لك امرأة ‘هذه السيارة تشبه سيارة يوم زفافي’.”
ويلاحظ الحلاق حيدر خلف، المعجب بشغف صديق طفولته، أن سلمان يتمتع بشعبية على الصعيد المحلي. ويقول “يعرفه الناس في المنطقة. كل يوم عندما يخرج بسيارة، يتجمع الناس حولها،” لأن هذه السيارات باتت من “الهوية العراقية. الجميع يحب رؤية التاريخ وتراثنا.
ورغم الاحتفاء الشعبي بمشاركات جعفر في المناسبات الوطنية، كعيد الجيش ويوم بغداد، فإن التحديات التي تواجهه كثيرة، وعلى رأسها غياب الدعم الحكومي، وخاصةً من دوائر المرور، التي تقيّد حركة هذه السيارات وتعرقل مشاركتها في العروض العامة.


تابعنا على
تصميم وتطوير