رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
وهكذا يتأكد وهم الانفصال وخدعة الدعم الخارجي


المشاهدات 2468
تاريخ الإضافة 2025/05/18 - 1:27 AM
آخر تحديث 2025/06/20 - 1:29 AM

يمكن الجزم بأن عوامل مهمة ساهمت في إقناع قيادة حزب العمال الكردستاني بحل الحزب و إنهاء الكفاح المسلح بعد حوالي نصف قرن من المواجهات المسلحة مع القوات التركية .
نبدأ بالإشارة إلى أن تواري مفهوم الانفصال على المستوى العالمي ،بعدما كانت ظاهرة ملازمة لصراع النفوذ بين القوى الاستعمارية التقليدية و القوى الاقتصادية المعاصرة ، رافق ذلك تآكل كبير في المرجعيات الإيديولوجية التي كانت تغذي الظاهرة .و هكذا قادت التطورات في الساحة العالمية إلى تجذيف تربة الانفصال و تعويضها بتربة جديدة تستنبت جذورا مغايرة تنحو نحو الاندماج و التكامل .كما أن تطور الممارسة السياسية التركية الداخلية ،التي نقلت البلاد من حكم عسكري مغلق إلى نظام سياسي أكثر انفتاحا يتأسس على الانتخابات و التناوب على مراكز القرار ، و إن كان بحجم لا يزال في حاجة إلى كثير من التطور و التحديث ، ساهم في تقوية الجبهة الداخلية و دفع بالرأي العام نحو التركيز على قضية تطوير المشروع السياسي العام في البلاد . و في ضوء ذلك لم يعد الانفصال قضية ذات أولوية بالنسبة للشعب التركي .كما أن تسريع وتيرة التنمية في البلاد أتاح للشعب التركي معاينة و معايشة نتائج مبهرة ، على كل حال ،تحققت في البنيات التحية و في مجالات الصناعات و الخدمات بما مكن من تحسين مستوى العيش العام ، و هذا ما كان حافزا لدى الشعب التركي لإعطاء الأولوية لقضية التنمية على حساب قضايا أخرى من ضمنها قضية الانفصال .
من جهة اخرى يمكن التأكيد على أن تركيا كانت محظوظة بدول جوار تقاسمها القناعة بعدم جدوى الانفصال ، و أن بعض من هذه الدول ،كان و لا يزال ،يرى أن شظايا ستتطاير من الانفصال من داخل تركيا و تلحق بها أضرارا بليغة ،خصوصا و هي تعلم و تدرك أن الانفصال لن يقتصر على تركيا لأن الأكراد وعدوا منذ أكثر من 47 سنة بدولتهم الكبرى في المنطقة ،و تشمل أجزاء من دول الجوار . و أن تفوق بعض من هذه الدول في تدبير مخططات الانفصال و أجهضتها في مهدها . و بالتالي لا يمكن الإنكار بأن تركيا كانت محظوظة بجوار ساعدها في مواجهتها لخطر الانفصال ، ليس كما حدث و يحدث في تجارب أخرى من جغرافية العالم .
و أخيرا ، لم يكن خافيا أن كثيرا من الحركات الانفصالية كانت مدعومة من الخارج ، خصوصا من الغرب ، القوى الاستعمارية التقليدية ،التي خططت و ساندت الحركات الانفصالية في كثير من مناطق العالم تحت ستار دعم حقوق الأقليات و تقرير مصير الشعوب ، و لكنها في الحقيقة كانت تستخدم هذه الحركات كحصي في أحذية كثير من الدول لإجبارها على التركيز على نزاعات مفتعلة و تسويق أسلحتها و إلهائها عن قضايا التنمية و التطور ، و أيضا لإضعافها و لابتزازها وقت الحاجة .
هذه النزعة الاستعمارية توارت نسبيا إلى الخلف خلال السنين القليلة الماضية بعدما تعددت أقطاب قوى النظام العالمي ،و احتدم الصراع الجيواستراتيجي و الاقتصادي في مختلف أرجاء العالم ، و هكذا وجدت حركات انفصالية في بعض مناطق العالم نفسها معزولة ،و أدرك بعضها أنه كان ضحية خدعة خارجية وعدتهم بدولة مستقلة و بتقرير مصير مزعوم . و تفاجأوا أخيرا بأن قوى خارجية استعملتهم كوسيلة و تخلت عنهم بعدما قضت أغراضها منهم .
و هكذا فإنه حينما يقرر قادة حزب العمال الكردساني حل الحزب و إلقاء السلاح ، فأنهم يعلنون صراحة عن فشل مشروع الانفصال ،و يؤكدون إرادتهم في الانتقال إلى مرحلة جديدة تركز على نقيض الانفصال ، و هي مرحلة لن تكون سهلة ، لأنها ستكون مكتظة بالتفاصيل المعقدة ، و الشيطان يكمن في ثنايا هذه التفاصيل .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير