رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
ظاهرة انتخابية


المشاهدات 1367
تاريخ الإضافة 2025/05/12 - 9:33 PM
آخر تحديث 2025/05/15 - 7:36 PM


مع اقتراب كل دورة انتخابية، تتكشف الحقائق عن ظاهرة متجذّرة في مشهدنا السياسي والاجتماعي، تتكرّر بوجوه مختلفة وأسماء جديدة، لكن بروح واحدة ، النفاق والانتهازية. يتقافز “المتلوّنون” على مكاتب المرشحين كما لو كانوا في موسم حصاد، لا ولاء لديهم لفكرة ولا إيمان بمشروع، سوى ما تمليه المصلحة الشخصية. في هذا الموسم، تصبح الكرامة قابلة للتفاوض، والمواقف تُباع بأرخص الأثمان. ومما يؤسف له، أن كثيراً من المرشحين لا ينأون بأنفسهم عن هذه السوق، بل يسهمون في تغذيتها بابتكار طرق جديدة لشراء الذمم، تحت مسميات براقة تخفي وراءها نوايا الوصول إلى المنصب بأي ثمن.
لم تعد الانتخابات مجرد عملية ديمقراطية تهدف إلى اختيار الأكفأ، بل تحولت لدى البعض إلى موسم استثمار مؤقت، توزع فيه الولاءات وتُعرض فيه المواقف على أرصفة المصالح. في هذه المرحلة الحساسة، نلحظ تهافت عدد من ضعاف النفوس على مكاتب المرشحين، يقدمون فروض الطاعة والولاء، ويعرضون خدماتهم بكل الطرق الممكنة، لا لشيء سوى طمعاً في مال أو منصب أو وعود زائفة.
يتخذ النفاق هنا شكلاً مؤسسياً. فالمكتب الانتخابي يتحول إلى قبلة، تُشد إليه الرحال، وتُمارس فيه طقوس التزلف تحت لافتة “الدعم والتأييد”. وما أكثر من يلبسون عباءة “الأصالة” وهم في الحقيقة بارعون في تغيير مواقفهم كما يغيّرون ملامحهم أمام كل مرشح يظنون أنه الأقرب للفوز.
في المقابل، لا يغيب على الكثير من المرشحين أنفسهم الدور الأساسي الذي يقومون به في ترسيخ هذا النمط المشوّه. فبدلاً من أن يطرحوا برامج حقيقية تعالج مشكلات الناس، يركّزون على الحملات الدعائية التي تتلاعب بالعاطفة، ويعتمدون على أساليب ملتوية، كشراء الأصوات أو توزيع المساعدات في غير محلها، وكأنها تذكرة عبور إلى صندوق الاقتراع.
وما بين المرشح الذي يشتري الذمم، والمواطن الذي يبيع صوته، تضيع القيم الحقيقية للعملية الانتخابية، ويُختطف الوطن مرة أخرى من أيدي أبنائه الشرفاء.
ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط قوانين رادعة لشراء الذمم، بل وعياً مجتمعياً يرفض هذه الممارسات، ويضع حداً لتسلّط المنافقين والمتلوّنين على القرار السياسي. فكرامة الوطن لا تُبنى على أصوات مشروطة، ولا على ولاءات زائفة. وإذا أردنا مستقبلاً يليق بنا، فلنبدأ من صندوق الاقتراع، ولنرفض أن نكون جزءاً من مسرحية عنوانها النفاق وبطلها المال السياسي.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير