رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
حرفيو بغداد .. صنّاع الطرفة والبهجة والمقالب


المشاهدات 1350
تاريخ الإضافة 2025/05/12 - 9:31 PM
آخر تحديث 2025/05/15 - 7:58 PM


يقول الكاتب خالد القشطيني في كتابه ظرفاء بغداد أن الكثيرين منهم كانوا من أصحاب الحرف، ولا سيما الحلاقين والخياطين والقهوجية. 
وأشهر هؤلاء عبد الله الخياط الذي رويت عنه الكثير من المقالب والممازحات. 
ومن الحكايات التي رويت عنه أن امرأة استوقفته في الطريق وطلبت منه أن يقرأ لها رسالة من ابنها، وكانت الرسالة مكتوبة بخط سيء او كما يصفها العراقيون (خراميش بزونة) لدرجة ان الخياط عجز عن قراءتها .. وعندما لاحظت المرأة سكوته تصورت أن ابنها قد مات أو أصابه سوء.. فراحت تتوسل بالخياط أن يقول لها ما في الرسالة. ولكنه اعتذر عن قراءتها، فقالت له: ما تقدر تقرأ سطرين مكتوب ولابس هالعمامة على راسك؟.. فنزع عبد الله الخياط العمامة من رأسه ووضعها على رأس المرأة ، فقال لها : يا الله تفضلي أنت اقري المكتوب!
وبرغم انها كانت أيام خير وكان مجلس الخياط عامراً بالفكاهات والتلطف. ولكن ضيوفه كثيراً ما أرهقوا ميزانيته المحدودة. فجاءه يوماً عدد غير قليل من أشراف بغداد بدون موعد أو استعداد..وطبيعي من عادة العراقيين  ألا يبخلوا على ضيفهم بشيء فيقدمون له أطايب الطعام ، ولكن عبد الله الخياط لم يملك عندئذ ما يقدمه لهم ولا ما يشتري به من طعام.. ومع ذلك فقد فرش الحوش بالحصير والسجاد وجلس يسامرهم..وما هي إلا دقائق حتى وجدوا أمامهم سفرة عامرة بالرز واللحم والخضراوات من باميا وباذنجان وجزر وسلطة وكل شيء.. أكلوا هنيئاً مريئاً ثم قاموا للانصراف شاكرين، فبحثوا عن أحذيتهم فلم يجدوها. فسألوه: عبد الله وين قنادرنا ؟ فأجابهم قائلاً: أي قنادر؟ ما أنتم أكلتوها الآن. قالوا: شلون اكلنا قنادرنا، فقال لهم: جئتم بغير موعد، وجلستم تنتظرون الطعام، وأنا رجل مفلس، لم يكن لي غير أن أبعث بأحذيتكم رهناً عند المطعم ليعطيني من الأكل ما أكلتم.. ابعثوا له بفلوس الأكل وفكوا أحذيتكم من الرهن.. ضحكوا على المقلب ولم يجدوا مفراً من دفع ثمن عشائهم!
وهناك الطريف الصراف، وهو أحمد الصراف بن حامد الحاج موسى المولود سنة 1900م، ومن ظرفه انه تم ترشيحه مديراً للتشريفات فرفض قبول هذا المنصب، وقال: ان مدير التشريفات هو خادم ولكن مؤدبا.
ومن قفشاته انه تفقد مكتبة تعني بالمخطوطات القديمة وقرأ احدى المخطوطات القديمة التي يحدد فيها كاتبها كيفية تخضيب اللحية بماء الورد وكيفية استعمال النار في عملية التخضيب ولكنه لاحظ  وجود حاشية مكتوبة على هذا الموضوع بخط وحبر يختلف وفيها (كذبت ولعنت ايها الملفق عملت بوصفتك فاحترقت لحيتي وشوه ذقني فحذار حذار من الأفاق الجاهل المنافق).. ومن جميل رده انه أصدر كتاباً عن عمر الخيام، وقال له الشيخ جواد الدجيلي بعد قراءته للكتاب: لقد جمعت يا صراف كتابك من شتى المصادر فلفقته حتى خرج كالثوب المرقع، فأجابه  الصراف: موعدنا في المساء في مقهى الباب الشرقي لنتكلم في الموضوع، وفعلاً ألتقيا هناك يوم كانت منطقة بساتين، وبعد ان اوضح الشيخ الدجيلي انتقاداته لكتاب الصراف فما كان من الصراف إلا أخذ بتلابيب الشيخ الدجيلي وانهال عليه ضرباً ولكماً والشيخ يستغيث ولا مجيب. 
وقد كتب الصراف مقالات ممتعة في مواضيع عديدة، منها في علم القوميات العراقية وفي أوابد الولادة والخرز ومعتقداته والايام في المعتقدات، وأوابد الشهور والدراويش والعيافة عند العوام، وكتبت عنه مقالات مع الشاعر جميل صدقي الزهاوي، وعن الخصومة بين هذا الشاعر وبين الشاعر الرصافي، وكان له الدور الكبير في انتهائها.
أما أشهر ظرفاء العصر الحديث، فهو أمير الشعر العامي الملا عبود الكرخي الغني عن التعريف، وله في الحوادث والنوادر صولات وجولات لا سيما سنوات الاحتلال البريطاني وايام سطوة الانكليز الذين كان يطلق عليهم العراقيون ابو ناجي، فيصف حال بغداد حينذاك، ويقول: 
بغداد مبنية بتمر 
فلش وكل خستاوي
بغداد مبنية بتمر
 ما ينكضي هذا العمر
يهواي دبرلي الامر 
التين اصبح لاوي
 


تابعنا على
تصميم وتطوير