رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
عادل كاظم رجل الدراما الأول في المسرح والتلفزيون بالعراق


المشاهدات 1719
تاريخ الإضافة 2025/05/10 - 10:23 PM
آخر تحديث 2025/05/17 - 7:31 AM

ولد الفنان المسرحي الرائد والكاتب عادل كاظم سنة 1939، ونشأ ضمن أسرة من بغداد كانت تسكن مدينة الفضل، ثم هاجرت إلى البصرة حيث كان والده يترأس إحدى النقابات في الخمسينيات، وهناك أنهى دراسته الإعدادية، ثم عاد إلى بغداد والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة عام 1967، وبعد تخرجه عمل في وزارة الشباب عام 1971.

والرائد عادل كاظم، الذي نشأ وترعرع في البصرة، الحالم على طريقة السندباد، بارتياد آفاق بعيدة، نمت في داخله بذرة الإحساس بالإيقاع الشعري العروضي، وحين كان يشاهد الأفلام كان يعيد سرد قصصها على مسامع أخيه الفنان التشكيلي نداء كاظم، النحّات الذي أبدع في كثير من الروائع النحتية، ومن بين أبرزها تمثال الشاعر بدر شاكر السياب في مدينته على شط العرب. 
والحديث عن منجز عادل كاظم، يعني الحديث عن جيل الستينات برمته، بوصفه علامة متميزة بين مثقفي جيله.. كتاباً ونقاداً وشعراء وفنانين وقراء دؤوبين خلا أمثالهم راهناً. ويتفرد عادل كاظم عن سواه من مبدعي الستينات كونه استثمر قراءاته الجادة والرصينة وعمل على توظيفها ضمن تأليف جديد بات يعرف الآن بـ (التناص). فقد كانت مسرحيته البكر (الطوفان) تمتد في جذور كتابتها الى (ملحمة كالكامش) من هنا يأتي الاهتمام الذي رسخ أسس الفكر في المسرح العراقي الذي كان يتأرجح بين المشهد الساخر والمشهد الإنشائي التعليمي المباشر.
أعمال عادل كاظم كانت أعمالاً راسخة ومجدة ومجتهدة، يُراد من كتابتها الوصول الى تنوير المتلقي بالفكر التقدمي ومساره العميق في هذا الميدان.. ولكي يتفاعل مع المناخ المسرحي والدرامي برمته، عمد الى إخراج وتمثيل عدد من النصوص التي كتبها، لكنه لم يفلح فيها ولا أن يتواصل معها.. من أشهر أعماله المسرحية (الطوفان) و(المتنبي) و(تموز يقرع الناقوس) و(نديمكم هذا المساء) و(المومياء) و(مقامات أبي الورد) و(دائرة الفحم البغدادية). كما قدم للتلفزيون مسلسلات (النسر وعيون المدينة) و(الذئب وعيون المدينة) و(بنت المعيدي).
وجاءت ثلاثيته الدرامية التلفزيونية (النسر وعيون المدينة) منطلقة من رواية (البؤساء) للكاتب الفرنسي فيكتور هيجوا، فيما اعتمدت مسرحيته (جعفر لقلق زادة) على حياة هذا الفنان المسرحي الكوميدي التي برزت في المنتديات واشتهرت بوصفها فقرات تمثيلية أو فواصل ضاحكة يراد منها تحقيق المتعة. وأما مسرحيته (دائرة الطباشير البغدادية) التي تم عرضها في بغداد ليوم واحد ثم حجبت عن العرض بسبب موقفها التقدمي البارز، فإنها ترجع في أصلها الى مسرحية الكاتب الالماني بريشت (دائرة الطباشير القوقازية)، وهذا لا يعني أن عادل كاظم غير منتج ابداعياً، بل هو على العكس من ذلك، كاتب أصيل تمتد أصالته الى ما يملكه من جذور معرفية وإبداعية ضخمة بدليل أنه وظف تلك الجذور والأساسيات في قراءاته ليخلق عوالم جديدة هي من بناة طاقته الابداعية التي تفرد وعرف بها وتواصل معها في عدد من كتاباته المسرحية والدرامية التلفزيونية والروائية، وهو في كل ما قدمه ظل أميناً لفكره التقدمي ومنجزه الإبداعي والثقافي الذي يؤكد فيه على قيمة إنسانية جديرة بالاهتمام والاحترام. ولم يسبق لكاتب غزير في هذا الميدان أن تفوق عليه، ذلك أن عادل كاظم ينطلق من خلفية ثقافية بناءة وملتزمة وحية.. في حين كان عدد من مجايليه يعتمدون الفنتازيا والتغريب بهدف إثارة الانتباه والوصول الى العالمية وآفاقها التجديدية.
لذلك ليس من المغالاة، بالنسبة لتاريخ مسرحنا في العراق، أن نضع كاتباً مسرحياً مثل عادل كاظم في موضع الريادة التجريبية، في مرحلة ما بعد الكاتب يوسف العاني، الذي سبق له أن أنجز تطوراً ثميناً ملحوظاً في تأسيس ملامح فنية رصينة في النص، مع نخبة من الكتّاب، منهم: طه سالم، نورالدين فارس، محيي الدين زنكنة، بنيان صالح، جليل القيسي،   وآخرون.
لقد كان لدى عادل، وجيله، توق فني ومعرفي، ومقاربة قرائية مضنية لفهم آفاق الواقعية واتجاهاتها، وكذلك الوجودية في الفلسفة والمسرح، أو ما انتهت إليه نظريات الملحمية، ومسرح العبث واللامعقول، والتجارب الطليعية الأخرى في «التجريب» المسرحي المتنوع. التقط عادل كاظم من تلك التحولات الدرامية المفصلية، عبر تاريخها الطويل، وبمهارة نقدية – تحليلية، «جوهر» الفن الدرامي المسرحي، وميّزه من أعراضه الزائلة النافلة.
لقد توافر له إمكان ولادة مشروع كاتب درامي ينهل من أخيه هذا الحسّ التشكيلي، ومن زميل طفولته الفنان المبدع محمد مهر الدين، وما يملكه من ثقافة إنسانية تقدمية، وذوق مرهف، وقدرة إنتاجية مغايرة للسائد المألوف، وما يخصّب مخيّلته من فضاءات مسرحية وتلفزيونية، لكبار المخرجين بالعراق، الذين تعاملوا مع الأساطير، والتاريخ، والحكايات الفلكلورية، تعاملاً إبداعياً جريئاً، جعل الذاكرة البشرية رهن التلقي المعاصر للإنسان البسيط، وللنخبة المفكرة أيضاً، في صالة تجتمع فيها الأحلام، والصبوات، وتتغير عبرها نظرات هذا الجمع الخليط إلى طبيعة مجتمعها الذي تبدّلت أطواره السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية”.
ونجح عادل كاظم عند قيامه بالتخطيط لكتابة نصوصه الدرامية مسـرحياً، وتلفزيونياً، وإذاعياً، وكذلك حرص عـلى اخـتيار «موضـوعاته» الفنية، بمعرفة جمالية وجدلية، تنقل تخيّلاته من فضاء «الاحتمال» إلى «التحقيق» العملي، يجد حلولاً إبداعية لتلك المشكلات الساكنة التقليدية، ويتجاوزها إلى فضاء من التواصل مع شريكه الأشهر في التجربة، لا في الكتابة، وإنما في «الإخراج»، الفنان إبراهيم جلال، ومع أمثاله من مخرجينا الكبار، مثل: جاسم العبودي، سامي عبد الحميد، بدري حسون فريد، محسن العزاوي، أديب القلية جي، وسواهم”.
وبخصوص عمله فقد طغت «الثيمة» الفكرية الخاصة بوعي البطل الوجودي، الفردي، المنهمك بمشروعه ضد السلطة، وبطانتها، من أسماء ووظائف أجنبية، جاءت إلى حصار بغداد، أو الاحتلال منذ المغول والتتار، إلى العثمانيين إلى الإنجليز، إلى الحكم المطلق، وهي تذكّرنا بمحنة العراقيين وهم يرزحون تحت سلطة «خزندار، وجندرمة، والصاحب، وسواهم»، ويقابلهم «شعيط ومعيط وجرار الخيط، والسايس، وفلتانة، على خلفية من مناظر بابلية، وعباسية، بغدادية وعثمانية، ومعاصرة». وقد تمّ نحت هذه العروض، بصياغة بصرية، للفنان كاظم حيدر، وفاضل قزاز، وأزياء امتثال الطائي، وسواها.
ويشخص النقاد والدارسين بأن عادل كاظم عمّق طرق الإخراج باتجاهات النص الذي يكتبه في مسارب حلمية، وواقعية، وتعبيرية، ووجودية، وعبثية (كافكوية) مثلاً، وهي تحمل رسائل «فكرية» عريضة، وصادمة، كالذي حصل في إعداده لمسرحية برشت، «دائرة الطباشير القوقازية»، تحت عنوان: «دائرة الفحم البغدادية»، التي أبدع في إخراجها إبراهيم جلال، وفق منهج برختي، وتأويل عراقي خاص برؤية المخرج الذاتية، ما أثار حفيظة الرقيب، وقام بإيقافها بعد عرضها الأول”.
وينظم عادل كاظم الكاتب المبدع والذي كرس كتاباته من أجل الدفاع عن قضية الإنسان في الحياة، وعن حرية الفرد في اختياراته الفكرية والسياسية والدينية، ولهذا جاءت كتاباته متفقة مع ميول بعض المخرجين الذين يؤمنون بتحرير الإنسان من دائرة العبودية والأخذ بزمام قيادته للوصول به إلى بر الأمان ومن خلال دعمهم وتشجيعه على الكتابة منذ بزوغ عبقرتيه الكتابية في مسرحية الطوفان، (ولهذا الحدث له قصة، كيف أنه أعطى نص مسرحية الطوفان إلى الفنان الراحل المخرج جعفر السعدي ليطلع عليه وبيان مدى صلاحية النص، وإذا به  يتفاجأ بالسعدي ليخبره عن ضياع النص، وتأتي المفاجأة الأخرى حينما جائه الفنان وكبير المخرجين ابراهيم جلال وهو في الصف وبحضور الفنان جاسم العبودي  ليستأذن له بالخروج خارج الصف، وفي الخارج كانت المفاجئة تنتظر عادل كاظم حينما سأله إبراهيم جلال رغبته بإخراج نص الطوفان ليخبره عادل كاظم بضياع النص، إلا أن إبراهيم جلال فاجئه بأن النص المسرحي عنده ومحتفظا به ولإعجابه به يروم العمل على إخراجه مسرحيا، ففرح عادل كاظم أشد الفرح لعثوره على النص المسرحي لدى المخرج الكبير إبراهيم جلال.
كان ابراهيم جلال أول من اجتهد في المسرح العراقي في تقديم الأسلوب الاخراجي البرشتي، مطبقاً ذلك على أكثر من نص لعادل كاظم، ولم يكتفِ (عادل) بالتأليف فقط، بل إنه حاول أعداد مسرحية (دائرة الطباشير القوقازية) تحت عنوان (دائرة الفحم البغدادية) التي قُدمت لمرّة واحدة.
كما قدّم ابراهيم جلال عند تعامله مع نصوص عادل لأول مرة، مسرحية (عقدة حمار) التي مثّل فيها أيضاً لأول مرة (عادل كاظم) بعد ان كان قد مثّل أيضا مع المخرج اديب القلقجي، وأخرج (مقامات أبي الورد) التي اتخذت موضوعها من التاريخ الاسلامي الوسيط في بغداد ببعد برشتي أيضاً، يرصد مجريات ثورة الشعب ضد المحتل.
أما مسرحية (الأسود والأبيض) التي أخرجها ابراهيم جلال، فهي تخص أحد الظرفاء، تدور أحداثها بأجواء فانتازية، ويرتحل البطل الرئيس من بغداد الى الهند والسند بطريقة مرتجلة مثّلها مقداد عبد الرضا.
وتعامل مخرجون آخرون مثل (سامي عبد الحميد) مع نصوص عادل، بإخراج مسرحية (الخيط) وكأنها تدور في اجواء (بيكيت) العبثية، ولكن كانت النقاشات التي يخوضها جرّار الخيط، تمثّل ما يودُّ عادل ان يطرحه على شكل أسئلة ليُحفّز التعاطف مع المسحوقين.
أما في مسرحية نديمكم هذا المساء، اخراج محسن العزاوي فهو يتناول سيرة (جعفر لقلق زادة) بأسلوب احتفالي كوميدي مثّله سامي عبد الحميد مضيفا على شخصية “لقلق زادة” صفة الوعي الوطني والنضالي، ضد الاحتلال  الانجليزي.
لقد ترك عادل كاظم نصوصاً جديدة وكذلك أضفى لمسات جديدة على نصوصه القديمة، ولا ننسى مسلسلاته في التلفزيون، مثل (حكايات المدن الثلاث) و(الذئب وعيون المدينة)، و(النسر وعيون المدينة)، و(الايام العصيبة) وهي تعكس التاريخ الوطني للعراق.
إن عادل كاظم ليس بكاتب ينفخ بأبواق دعائية لا تخدم مصالح الشعب والشريحة المغلوب على أمرها من المسحوقين والمعدومين اقتصاديا، إنه ليس بوقا مزيفا ينفخ من على خشبة المسرح لصالح الأنظمة بقدر ما هو ضد الزيف والكشف عن الحقائق التي ظلمت الشعب وحاصرته في زنزانة الموت والتعذيب والذي كان يدور في أجواء عراقنا، وعادل كاظم كان يبحث عن متنفسا لذاته، يفرغ مافي أعماقه من التنفيس والتطهير للمتلقي وتجسيد معاناته، هذه المعاناة جعلته يبحث بين سطور مجلدات أدبية ويطلع على الأفكار العالمية يستطيع من خلالها أن يسبح عالم يسوده فكر يبحث في كيفية تحقيق المصالح للجماهير وتحقيق العدالة الاجتماعية لإنقاذ هذه الجماهير”.
فقد كان عادل كاظم يبحث عن ذات الإنسان ويتأثر بالأفكار التي تنادي بتحرير هذه الذات من الروحانيات والتشبث بالماديات والتي تساعد الإنسان على العيش الرغيد في وطن غير مقيد وشعب يعيش سعادته، ولهذا حاول وكباقي المفكرين والفلاسفة الذين بحثوا عن الخلود ومن خلال شخصية كلكامش في مسرحية الطوفان إلا أنه فشل في الوصول إلى النتيجة التي كان يهدف إلى الوصول إليها، ولهذا عاش التمرد الذاتي مع نفسه ومع شخصيات نصوصه المسرحية مستهزئ ببعض القيود التي أحاطت بالإنسان من الحياة الروحية والرهبنة، وإنما لا مناص منها ومن نتائجها  الحتمية في اللاجدوى”.
فهو يؤكد أنه لا يهتم للمؤسسات الثقافية الحكومية إن كرمته أو تكرمه أو التفتت إليه أولم تلتفت، وذلك بعد الاحتفالية التي أقامتها لتكريمه مؤسسة المدى لمناسبة يوم المسرح العالمي كونه أحد الكتاب الكبار الذين قدموا للمسرح العراقي الكثير وقال: “الذي لا يعرفني هذه مشكلته وليست مشكلتي، وأنا لا أكتب كي يعرفني هذا المسؤول أو ذاك، فأنا أقدر قيمتي، وهذا الشعب يعرفها أيضا فهو يسألني عن صحتي وألمي وآخر ما كتبت، وهو عندي تكريم دائما لا أذكر آخر مرة تم الاحتفاء بي فيها، ولكن ما يهمني هو اللقاء بين المثقفين، فكل احتفال ثقافي وكل تجمع تتكاثر فيه الأصوات وتعبر عن مكنوناتها وما يتجمع في دواخلها من هموم وأتراح وأفراح هو شيء جيد”. لقد وظف المبدع عادل كاظم بين الأسطورة والحكايات الشعبية فمعظم الثيمات التي كتب عنها عادل كاظم أو التي اعتمد عليها في كتاباته المسرحيّة والتلفزيونيّة قد اعتمدت على أساطير كبيرة عالمية وأخرى محلّية امتدّت من ملحمة كالكامش في (الطوفان) إلى (بنت المعيدي) وحكايتها المحليّة التي حملت بعض المفاهيم الأسطورية المحليّة على الأقل مرورا بالأعمال التي اعتمدت على مسرحيات بريخت (دائرة الفحم القوقازيّة) التي تحولت إلى (دائرة الطباشير البغدادية) و (الموت والقضية) عن شهرزاد و(حي بن يقضان) لابن طفيل, ومسلسل (البيانات المفقودة) مستفيدا من أسطورة ألف ليلة وليلة مرورا بالكثير من القصص لتشيخوف وكافكا وفيكتور هيغوا في (البؤساء) التي تحولت إلى مسلسل (الأيام العصيبة) وكذا كان في معظم أعمال عادل كاظم. لقد اعتمد عادل كاظم على الشخصيّات التاريخية المهمّة والتركيز على اضفاء صفة المحليّة عليها من خلال الرموز والجمل ذات البناء السردي المتطور مستفيدا من فهمه وحبه للأسطوري والملحمي والواقعي والسحري والرومانسي وحتى الكوميدي، ليخرج ببناء درامي يحوي كل ما سبق بنسب متفاوتة وبذكاء كبير, إذ كان يستعين بكل مفهوم منها في المكان المناسب، ولا يترك مكان أو زمان دون أن يضع له الإطار المناسب والشكل المناسب”.
وتشكل رواية “الشط الكبير لعادل كاظم” رواية عميقة في السرد الدرامي وواسعة بجزأين وهي تحكي سيرة مدينة البصرة إبّان الاحتلال البريطاني، أعوام ١٩١٤-١٩٢٠. وتدور أحداث الرواية حيث منطقة شط العرب في البصرة منطقة “التنومة” إبان دخول الانكليز للبصرة وإنهاء فترة الحكم العثماني للعراق، ومنها بروز بريطانيا قوة عظمى مهيمنة على الاقتصاد والسياسة ومنها دخول الآلات الصناعية للبلد وبما أبهر الناس لتقنيتها أمام فقر وبساطة الحياة العراقية إبان الفترة المظلمة للحكم العثماني. لقد كانت حبكة السرد للرواية متقنة وبرباط سردي متين في تتابعه حتى النهاية، واهتم الكاتب بالمثول الواضح لدراما الحدث ومن الحوارات والانفعالات النفسية لشخصيات الرواية وسلوكها وتعابير اللفظ المنسجم مع روح الحدث ومكانيته الاجتماعية.
وقد يتصور القارئ نهايات مختلفة في تتابع قرأته، إلا أن النهاية التي اختارها الكاتب “عادل كاظم” تبقى خاضعة لمنطق سرد الأحداث، وهي نهاية محكمة أمام جدار عالي بوجه رجوع “رضية” زوجة البلام الفقير البسيط الطيب “زيدان” وان كانت معذورة امام وقائع لم تقع في الحساب منها وهي المرأة المحاصرة اصلا بالعادات المتحفظة للمجتمع الذكوري المتخلف، وبعد فان رواية “الشط الكبير” تصلح ثيمة ملائمة مع منهج وتاريخ الكتابة الدرامية للكاتب “عادل كاظم” لتكون مسلسل مناسب لمخرجي الدراما والمسلسلات في التلفزيون والمسرح”. وصفه الراحل المسرحي الكبير الدكتور  سامي عبد الحميد عادل كاظم : كنا نعتقد انه ليس هناك نص مسرحي عراقي ينافس  او يوازي  النص المسرحي الاجنبي لكن فجأة اكتشفنا عادل كاظم اولاً في الطوفان وثانيا في تموز يقرع الناقوس. لقد طرق عادل كاظم معظم اساليب المسرحية او مشاريع التيارات الفنية المختلفة من التاريخيين والملحميين كما في تموز وفي الطوفان وفي المتنبي ونديمكم هذا المساء. وحتى الواقعية كما في (عقدة حمار) والكوميديا الشعبية في الخيط، كما كتب تموز يقرع الناقوس والصورة التي تعبر عن الصراع الدرامي وشعيط ومعيط وجرار الخيط، حيث قدم فيها الروح الكاريكاتيرية النقدية. وفي المتنبي قام بتحويل الشعر الى سيرة ودراما بطريقة اخاذة ومعبرة تصعب على اخرين ان يقدموا مثل ذلك النص  الفخم. وفي مسرحية نديمكم هذا المساء قدم الكوميديا الهادفة. وتتميز مسرحيات عادل كاظم بالمحتوى الانساني وادانة الظلم والقهر وحواره منسق ورصين وبليغ والحبكة مبنية بناء محكماً، والشخصية واضحة المعالم وتتطور فكريا وفي اتجاهها نحو هدفه.
إذن لماذا نجح مسلسل الذئب والنسر وعيون المدينة؟ السبب هو ان عادل كاظم تناول قضايا تهم جميع ابناء الشعب، ولان الشخوص يعيشون بيننا واللغة هي لغة ابناء الشعب ولأنه يفهم الدراما ويكيفها للتليفزيون. 
توفي “عادل كاظم” في 2 من أغسطس 2020 عن عمر ناهز 81 عام بعد أن أغنى المشهد الدرامي العربي بإبداعاته التي ترسّخت في وجدان المشاهد العراقي والعربي بعد ان كان كاتبا دراميا متميزا بأسلوبه، مجتهدا في التعبير عن الواقع المحلي عبر مسيرته الفنية الطويلة التي ناهزت نصف قرن في المسرح والتلفزيون، محافظا على مبادئه في الانتصار لقضايا الإنسان الكبرى في حياة كريمة.


تابعنا على
تصميم وتطوير