رغم القيود الاجتماعية والثقافية والدينية التي تفرضها المجتمعات الشرقية على النساء، وخاصة في العراق، لم تكن تلك العوائق نهاية الطريق للمرأة العراقية. بل على العكس، شكّلت هذه القيود تحديًا دفع العديد من النساء إلى إثبات أنفسهن بكل قوة وشجاعة. المرأة العراقية لم تنتظر أن يُمنح لها الدور، بل انتزعته في مجتمعٍ كثيرًا ما أراد أن يحصرها في البيت، في المطبخ، وفي تربية الأطفال فقط.
لقد استطاعت المرأة العراقية أن تخترق كل المجالات، فكانت عاملة في المصانع والمزارع، ومهندسةً في مواقع البناء، وطبيبة في ساحات الإنقاذ، وأستاذة في الجامعات، وسياسية في البرلمان، لم تتردد في أن تكون أمًا ناجحة، وزوجةً داعمة، وقائدة في أصعب الظروف، وفي ظل الحروب، والنزاعات، والانقسامات، حملت المرأة العراقية عبء الوطن والأمل معًا.
إن كثيرًا من العراقيات حصلن على شهادات عليا، وسافرن، ودرسن، وأسسن مشروعات خاصة بهن، وكوّن حركات نسوية تطالب بالمساواة ورفع الظلم، وشاركن في احتجاجات شعبية ضد الفساد والعنف ومع كل هذا، لا تزال المرأة في العراق تعاني من نظرة عشائرية تقلل من دورها، وتربطها فقط بمكانها داخل المنزل. إنها نظرة تكرّس الصمت وتخشى الصوت الأنثوي عندما يكون قويًا ومؤثرًا.لكن، ما إن تُمنح المرأة الثقة والدعم، ولو قليلًا، حتى تُثبت أنها قادرة على العطاء بلا حدود. فالإبداع والطموح لا يحتاجان إلا إلى فرصة، والمرأة العراقية حين تُعطى هذه الفرصة، تُدهش الجميع بقدراتها، وثقافتها، وإرادتها.
الحديث عن تمكين المرأة في العراق لا يعني فقط تغيير القوانين، بل تغيير النظرة الاجتماعية التي تُكبّلها، وتحريرها من الخوف الذي تربت عليه أجيال من النساء، إننا أمام جيل من العراقيات يرفعن رؤوسهن عاليًا، يواجهن التحرش، والعنف، والتمييز، وكتبن قصص نجاح تُلهم العالم.