في ظل التحديات التي تواجهها المجتمعات الحديثة، تبرز الحاجة الماسّة إلى مؤسسات فاعلة قادرة على التصدي للأفكار المنحرفة، وحماية النسيج المجتمعي من التفتت والانزلاق نحو العنف. في العراق، برزت اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب كأحد أبرز الكيانات التي تتصدر هذا المشهد، لتكون بحق الأمل وصانعة المستقبل الآمن لكل أطياف المجتمع.
تُجمع آراء المراقبين المحليين والدوليين على أن تشكيل هذه اللجنة يُعد خطوة موفقة في الاتجاه الصحيح، لما تمثّله من وعي استراتيجي بأهمية مواجهة التطرف بالفكر والحوار والبناء المؤسساتي. إذ لم تكتف اللجنة بإصدار البيانات أو إقامة الفعاليات الرمزية، بل انطلقت بعمل ميداني حقيقي، ترجمه تأسيس لجان مركزية وفرعية في مختلف المحافظات، تعمل بتناغم دؤوب لمجابهة الفكر المتطرف وتجفيف منابعه.
وتعتمد اللجنة في عملها على منهج شمولي، يدمج بين الأمن الفكري، والتثقيف المجتمعي، والتوعية الوطنية، مستهدفة بذلك بناء جيل ناضج، مدرك لخطورة خطاب الكراهية والتكفير، ومؤمن بقيم التعايش والمواطنة. وتسعى اللجنة إلى تعزيز الثقة بين المكونات الاجتماعية، ودعم جهود السلم الأهلي، عبر مشاريع حوارية وتثقيفية تشارك فيها مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، ورجال الدين، والشباب، والمرأة.
ومن خلال نشاطاتها الواسعة في المدارس والجامعات والمراكز الثقافية، تنشر اللجنة رسالة الحياة، وتؤكد أن مواجهة العنف لا تكون إلا ببناء فكر بديل، مشبع بالانتماء الوطني، والوعي الحقوقي، والثقافة المدنية. إنها لجنة تصنع الأمل، وتبث في النفوس حب الحياة، وتؤسس لواقع جديد يكون فيه التنوع مصدر قوة، لا سبباً للتنازع أو التفكك.
وفي الوقت الذي ما زال فيه العراق يعاني من آثار عقود السابقة من العنف والتمزق، تُعد هذه اللجنة نموذجاً واعداً لإعادة ترميم الوعي الجمعي، وبناء دولة المواطنة والعدالة، بعيداً عن التطرف الذي عصف بأحلام الأجيال. إنها أكثر من مجرد لجنة؛ إنها مشروع وطني جامع، يحمل على عاتقه مهمة كبرى: حفظ العراق من الانزلاق مجدداً في دوامات العنف، وصناعة مستقبل يستحقه هذا الشعب العريق.
باختصار، اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب هي بارقة الأمل في طريق طويل نحو السلم والاستقرار، وهي ركيزة أساسية في بناء عراق يتسع للجميع، ويزدهر بقوة فكر أبنائه، لا بسلاح العنف. فلتُمنح هذه اللجنة كل الدعم، ولتُفتح أمامها آفاق العمل، لأنها ببساطة، تصنع الحياة.