عن سلسلة «شعر» التي تصدرها دار الشؤون الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة والسياحة والآثار، وفي إطار مشروع «طبعة بغداد» لإعادة طباعة ونشر المنجز الإبداعي العربي، صدرت حديثًا المجموعة الشعرية الجديدة «ألبومات آدم الثاني» للشاعر والناقد والروائي اليمني علوان مهدي الجيلاني، في طبعة أنيقة جاءت في 220 صفحة من القطع المتوسط، بتصميم غلاف من إنجاز الفنانة ابتسام السيد تُعد هذه المجموعة إضافة نوعية لمسيرة شاعر متفرّد في المشهد الثقافي اليمني والعربي، فقد قسّم الجيلاني مجموعته إلى أقسام متداخلة ومتنوعة حملت عناوين: شعراء ى وشعر ونصوص، وضمّت أكثر من 87 نصًا بين قصائد شعرية ونصوص نثرية، تنبض بلغة خاصة، وتأملات عميقة في الإنسان والزمن والمكان.
علوان مهدي الجيلاني، الحاضر بقوة في المشهد الثقافي اليمني والعربي، ليس مجرد شاعر؛ بل هو كاتب متعدد الأوجه، ناقد متمرس، باحث في التصوف والدراسات الشفاهية، ومؤرخ مهتم بالتوثيق، إلى جانب كونه روائيًا يمتلك عينًا فاحصة وقلمًا بصيرًا. أصدر الجيلاني حتى الآن 22 كتابًا، وكتب عشرات الدراسات، كلها مشغولة بالبحث عن المختلف، وبتفكيك المألوف شعريًا ومعرفيًا.
تتميّز نصوص الجيلاني بقدرتها على مزاوجة الأسلوب الفني العالي مع المضامين الكاشفة، حيث لا يركن إلى الرؤية النمطية، ولا يلتزم بأنماط التجنيس الجاهزة. بل يذهب في كل مرة إلى مناطق جديدة، يضيء فيها زوايا معتمة في التجربة الإنسانية، سواء عبر قصيدة تقترح جمالياتها الخاصة، أو عبر سرد يخرج من أعطاف الشعر. في دواوينه الثمانية السابقة، الصادرة ما بين عامي 199 و2020، كرّس الجيلاني مشروعه الشعري الخاص الذي يشكّل اليوم أحد أبرز المسارات في الشعرية اليمنية المعاصرة، أما في «ألبومات آدم الثاني»، فهو يُكمل هذا المسار، لكنه يوسّع أفقه أكثر، ويعانق نصوصًا تبدو كأنها شذرات من الذات والذاكرة والمجتمع، ينسجها بلغته الحارّة، المحمّلة بالرمز والدلالة.. ألبومات آدم الثاني ليست مجرد ديوان جديد، بل هي وثيقة شعرية تنطوي على تجربة ناضجة، ونظرة متفردة إلى العالم، يكتبها شاعر لا يزال يراهن على أن تكون للمبدع بصمته الخاصة في كل ما ينجزه.