رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
‎ سنواتها الأحلى وخطأها الأكبر...حبيبها الأول استشهد في حرب فلسطين


المشاهدات 1175
تاريخ الإضافة 2025/04/21 - 9:14 PM
آخر تحديث 2025/04/26 - 10:39 AM

«آن الآوان لكي أعرف طعم الراحة ويكفيني كما قلت دورا واحدا وفيلما واحدا كل عام.. وبدأت أنفذ هذا القرار بدقة عندما بدأت أشعر بحركة الجنين في أحشائي.. إنها أسعد لحظة في حياتي تلك التي شعرت فيها بأول حركة للجنين في بطني.. إن حياة جديدة تولد داخلى.. شعور جديد لم أعرفه من قبل بدأ يستولي على قلبي وكل أحاسيسي.. شعور لا تعرفه إلا الأم.. إن الحلم الذي انتظرته طويلا بدأ يتحقق أخيرا.. ونسيت السينما والأفلام والاستوديوهات والأضواء بل نسيت العالم كله ولم أعد أفكر ولا أهتم إلا بطفلى وتجربتي الأولى مع الأمومة.. وبدأت أعد الأيام والشهور وأرقب حركته داخل أحشائي وأنتظر بفارغ الصبر ذلك اليوم الذي سيخرج فيه الجنين إلى الوجود.. ومضت سبعة أشهر ولم يعد باقيا سوى شهرين.. وتمنيت أن يمر هذان الشهران في لحظات.. أن أغمض عيني وأفتحهما فأجد طفلي بين يدي ألاعبه وأطعمه وأختضنه أو أقبله بحب.. حب الأمومة الذي لا يدانيه حب آخر في العالم.
 وساعة الغروب وأنا ممدة فوق سريرى أحلم بطفلي القادم.. كنت أسمع صوت عازف الناي الذي كان يختار هذا المكان بالذات على النيل وهذا الوقت بالذات مع الغروب لكي يقدم ألحانه المؤثرة جدا.. وكان صوت الناي يختلط بأحلامي فيجعلها رائعة أكثر.
 ومع منتصف الليل شعرت فجأة بآلام مبرحة.. ونقلوني بسرعة إلى المستشفى وغبت عن وعيي ولم أعد أشعر بشيء.. وعندما أفقت كان بطني ساكنا هادئا لا حركة فيه.. وكدت أصرخ لكن الذهول قيد لساني.. ما هذا الكابوس المزعج.. ما هذا الحلم المخيف.. هل هذا صحيح أم أنني أحلم.. رب اجعله خيرا.
 ولم أفق من ذهولى إلا في اليوم التالي، عندما عدت إلى البيت.. تمددت فوق السرير والحزن يعتصر قلبي ومن حولى صلاح وأختي وبقية الأهل.. وفي نفس الموعد سمعت صوت الناي.. لكن صوته اليوم حزين».
 هذا جزء مهم يعبر عن الحزن الذي عاشته الفنانة الراحلة شادية، والذي ورد في مذكراتها التىي وردت عبر 15 حلقة تم نشرها في أوائل الثمانينيات تضمن المشوار الفني التي استطاعت من خلالها إحداث ردود فعل واسعة، ومؤخرا تمت إعادة نشرها مرة أخرى من خلال «كتاب اليوم» للناقدة الفنية إيريس نظمي والتي تشير فيها إلى أن شادية كانت ملكة الحب أحبت وعشقت وتعذبت وبكت بالدم والدموع.
اسمها الحقيقي فاطمة كمال الدين شاكر صاحبة موهبة متكاملة حلقت بها في سماء الفن ورسمت نبرات صوتها الرقيق الفرحة في قلوب عشاقها وقدمت الضحكة والبسمة، ورغم أنها أثرت الابتعاد عن الأضواء في السنوات الأخيرة من حياتها، إلا أن أعمالها الفنية مازالت عالقة في أذهان كل عاشق للفن الجميل.
 ‎حبي الأول من الصعيد
تقول شادية أول قصة حب في حياتي حدثت عندما كان عمري 17 عاماً، وقفت لأغني ووقعت عيناي على شاب أسمر وسيم وأحسست أن نظراته قد اخترقت قلبي وبعد انتهاء الحفل فوجئت به يتقدم نحوي ويهنئني وبعد فترة أرسل خطابا يعبر فيه عن حبه لى ويطلب أن يعرف موقفي من طلب الزواج؟ فوافقت لكن السعادة عمرها قصير فقد استدعى حبيبي فجأة للدفاع عن الوطن في حرب فلسطين، حبست دموعي حتى غاب عنى وظللت أبكي وصدقت مشاعري فذهب ولم يعد، فقد استشهد في ميدان القتال، سقط حبيبي شهيداً واسمي يلف حول أصبعه في دبلة الخطوبة.
 ‎قصتي مع عماد حمدى
بدأت الأقاويل تنتشر عن قصة حب في قطار الرحمة، حكايات خيالية عن علاقتي بعماد حمدي داخل قطار الرحمة يحكونها بلا رحمة، وحتى الحكايات الحقيقية التي حدثت لا يحكونها كما وقعت بل يضيفون عليها ويلغون فيها وكان لابد أن يأتي ذلك اليوم الذى تقع فيه رسائلنا العاطفية المتبادلة في أيدى من لا يرحمون، وبدأوا يهددون بنشر خطاباتنا على صفحات المجلات والصحف إنهم يريدون أن يحولوا قصة حبنا إلى فضيحة فكان لابد أن نتحرك بسرعة لندافع عن هذه العلاقة، وقررنا أن نضع نهاية سعيدة، وكان قرار الزواج لكن السعادة عمرها قصير لقد قضيت مع عماد أربع سنوات ذقت فيها حلاوة الحياة، ومرارتها لكن الغيرة كانت العيب الوحيد لعماد حمدي فعندما تدخل الغيرة قلب الزوج تبدأ المشاكل والمتاعب وتهرب السعادة من البيت ووجدنا أن الفراق هو الحل الوحيد.
 ‎ حكاية طويلة
هاأنا ذا أعيش مطلقة بلا رجل أواجه الحياة وحدي ووسط هذا الضباب ظهر فريد الأطرش في حياتي ووجدته مثالاً للرجل «الجنتلمان» الذي يعامل المرأة باحترام وبدأ حب فريد يملأ قلبي بعد أيام وشهور البؤس التي أعقبت طلاقى من عماد حمدي ولم أغضب من الصحافة والصحفيين، لأني لم أخجل من قصة حبي لفريد وأمضيت معه أيام حلوة لم يكن يكدرها سوى غيرة المقربين إليه الذين لاحظوا انشغاله وانصرافه عنهم بسبب انشغاله الشديد بي.
 إن فريد حياته غير مستقرة لا يتصورها بلا أصدقاء فكل سهرات الأسبوع يقضيها مع أصدقائه ولم أقدر على الاستمرار في هذه الحياة فالاستقرار بالنسبة له شئ صعب بل مستحيل ولكن بالنسبة لى فهو شيء ضرورى وبدأت أشعر بأن حياتنا لا يمكن أن تستمر بهذه الصورة وحاولت أن أهرب من حب فريد الأطرش وانتهزت فرصة سفره إلى الخارج وتركت الشقة التي كانت في عمارته بكل ذكرياتها الحلوة.
 ‎أكبر خطأ فى حياتى
كان زواجي السريع من عزيز فتحي نوعاً من الهروب من حب فريد الأطرش وظننت أن ارتباطي برجل آخر هو الحل الوحيد، وكان قرارا من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها في حياتي، فلم أفكر في نتائج هذا الزواج السريع الذي كان بالنسبة لى درساً قاسياً فآخر شيء يمكن أن أتصوره أني سأطلب في بيت الطاعة وأصر عزيز فتحي إصراراً عجيباً على ذهابي إلى بيت الطاعة ولم تكن هذه المرة الأخيرة بل تكرر ذلك مرات كثيرة لأن النزاع استمر خمسة أشهر.
 ‎أنا ومصطفى أمين
في هذه الفترة تعرفت بالكاتب الكبير مصطفى أمين الذى أعتبره مسؤولاً عن حياتي الجديدة حياة المرأة العاملة الناضجة.
 دعوة من رئاسة الجمهورية وصلت الكاتب الكبير لحضور إحدى حفلات العشاء مع الرئيس جمال عبد الناصر لكن الكاتب الكبير لم يستطع إخفاء دهشته فالدعوة ليست موجهة له وحده بل موجهة أيضاً لزوجته «شادية». 
ورفع الكاتب الكبير سماعة التليفون ليتحدث إلى الرئيس «عبد الناصر» ليقول له إنه ليس متزوجاً فرد عليه الرئيس، بل أنت متزوج شادية فرد «لا أنا لست زوجها» قال له: معلوماتنا تؤكد ذلك.. قال: ومن الذى حصل على هذه المعلومة.. قال الرئيس: المخابرات» صلاح نصر»!.
 وضحك الكاتب الكبير وهو يقول كنت أرجو فقط من مخابرات صلاح نصر قبل أن تزوجني أن تأخذ رأيي.
 وتقول شادية في نهاية مزكراتها إنها لو عاد بها الزمن إلى الوراء فكانت ستسير في نفس هذا الطريق، طريق الفن رغم كل العذاب والأشواك إن عذاب الفن هو حياة الفنان وبدون هذا العذاب لا تكون لحياة الفنان معنى، وهذا القلق هو سر نجاح الفنان وبقائه، هكذا كنت دائما أحاول أن أعزي نفسي وأخفف عنها إما أن أكون إماً سعيدة بأمومتها وإما أن أكون فنانة سعيدة بأفلامها وأغانيها ويبدو أنه شىء صعب أن أجمع بين الهدفين.
 ‎مع صلاح  ذو الفقار
اتصل بي صلاح ذو الفقار ليعرض على فيلم «أغلى من حياتي» وقلت له «لا مانع من قراءة السيناريو، وبعد ذلك سأحدد موقفي».
 وسافرنا إلى مرسى مطروح لاختيار الأماكن التى تصلح لتصوير المناظر الخارجية، وهناك ساعد جمال الطبيعة وقصة الفيلم الرقيقة على نمو الحب بيننا،  وتحت شمس أسوان الدافئة اكتملت قصة حبنا.


تابعنا على
تصميم وتطوير