رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
السلام بديلاً عن الفناء المحتوم


المشاهدات 1184
تاريخ الإضافة 2025/04/21 - 9:12 PM
آخر تحديث 2025/04/26 - 10:38 AM

 يبدو أنّه من الواضح أنّ فشل الأنماط التنموية في عدد من دول العالم والدول الأوروبية على وجه التحديد ، يدفع بعضها إلى المغامرة بتوفير الشروط الموضوعية لنشوب حرب قد تغيّر على المدى المتوسّط والبعيد المشهد الجيوسياسي في القارّة العجوز التي خالت دُوَلُها أنّها تجاوزت مرحلة الحروب والنزاعات المسلّحة . وإذا كانت هذه الحروب التي يمليها الفشل التنموي تكون في الغالب عبثية وبلا معنى ملموس ، فإنّ بعضها ، يمكن أن يكون إراديا ليكون الهدف منها تغيير أوضاع جيوسياسية لم تعد مواكبة لتطوّرات وطموحات بعض الدول في القارّة الأوروبية، ذلك أنّ دخول ألمانيا على خطّ الدافعين في إتّجاه الحرب مع روسيا يثير في هذا الخصوص قلق ومخاوف عديدة نتيجة التوجّس من إعادة ألمانيا بناء قوّتها العسكرية بما ذكّر البعض بأنّها تسبّبت سابقا في حربين كونيتين مدمّرتين. وتخطّط ألمانيا لتخصيص ميزانية قدرها 112 مليار دولار ، وزيادة الإنفاق السنوي  ليشكل أكثر من 2 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي، وذلك لتطوير قدراتها العسكرية وهي خطط يرى فيها الملاحظون أنّها مقدّمة جدّية لتجاوز القيود القانونية والدستورية المفروضة على ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. وبعد أن كان الصوت الألماني خافتا لمّا يتعلّق الأمر بالنزاعات والحروب ، تصاعدت مؤخّرا وتيرة التصريحات الألمانية الدافعة في إتّجاه الحرب مع روسيا ، وآخرها كان ما تحدّث به زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ألمانيا فريدريش ميرتس والمرشح لمنصب المستشار، عن إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ كروز من طراز «تاوروس»، بما أثار ردّة فعل قويّة من روسيا ، التي حذّرت على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، من أنّ موسكو ستعتبر ألمانيا منخرطة في الحرب بشكل مباشر إذا زودت أوكرانيا بصواريخ «تاوروس»، وقد رفضت ألمانيا من قبل وحتى الآن تسليم أوكرانيا هذا النوع من الصواريخ ، وأشار المندوب الروسي  إلى أن العديد من الدول ، بما فيها ألمانيا ، منخرطة بالفعل في النزاع الأوكراني بأشكال مختلفة. ويكتسي هذا السلوك الألماني خطورة أكبر لأنّه يجري وسط تغييرات لافتة في المشهد السياسي الداخلي الذي أفرزته نتائج الانتخابات الأخيرة، لعلّ أهمها على الإطلاق، الصعود الكبير لحزب «البديل من أجل ألمانيا «الذي يمثّل أقصى اليمين المتطرف في ألمانيا، وتعتبره أجهزة المخابرات الألمانية من «النازيين الجدد»، وتُوصَف أجندته عادة بالفاشية ، وقد حصل هذا الحزب على المركز الثاني في الانتخابات بنسبة تاريخية بلغت 20.8% .  الكاتب الفرنسي إيمانويل تود إعتبر أنّ انقياد بعض الدول وخصوصا فرنسا وراء سياسات التجييش للحرب هو «مغامرة غير محسوبة العواقب لفرنسا وأوروبا عموما وذلك لجهة أنّها انطلقت بمغالطات كبيرة أهمّها تقليل الولايات المتحدة في عهد جو بايدن من قدرة روسيا على التصدّي ، ومبالغتها في المقابل بتقدير قدراتها وقدرات القارة الأوروبية على السواء، ما أدّى إلى تورّط أوكرانيا في تلك الحرب، وبدلا من تفكيك روسيا ، تحولت الحرب إلى عملية استنزاف يدفع ثمنها اليوم الأوروبيون أنفسهم».
 إنّ «مكاسب الحرب» هي دوما على المدى القصير، وفي الغالب هي وَبالٌ على البشرية، وإنّ ما يدوم هو الاستثمار في السلام بين شعوب العالم ودولها .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير