نيلسون مانديلا، رمز التحرّر والسلام، كان حتى عام 2008 مُدرجًا في قوائم “الإرهاب” الأمريكية.
عمر المختار، شيخ المجاهدين في ليبيا، وصفته تقارير الاحتلال الإيطالي بـ”العصابيّ”.
عبد القادر الجزائري نُعت بـ”المتمرد”، وتشي جيفارا أُعدم بتهمة “التحريض على الثورة”.
تهمة “الإرهاب” لم تكن يومًا حكماً قانونيًا بقدر ما كانت أداةً لغوية بيد المحتل.
الكلمة لا تُطلق في فراغ، بل تُسَكّ في غرف السياسة الاستعمارية، ويُعاد تدويرها في خطاب القوة. تُمنح صكوك “الشرعية” لقامعي الشعوب، وتُطبع تهم “الإرهاب” على جباه المقاومين.
واليوم، لا يختلف المشهد كثيرًا. مقاومو فلسطين يُحاصرون، يُلاحقون، وتُوصَف مقاومتهم – بوقاحة لغوية – بأنها “إرهاب”. المحتل نفسه، الذي يسرق الأرض ويُجهز على الحياة، يتصدر مشهد “المدافع عن نفسه”.
من يصنع القاموس إذن؟
إنه الاحتلال، بصيغته العسكرية والسياسية والإعلامية.
لكن من يُصحح المعنى؟
إنه التاريخ، بأدواته الهادئة وصبره الطويل، يعيد التسمية، ويُعيد لكل مقاوم اسمه الحقيقي: بطل، حر، صاحب قضية.
لا تُخدع بالقاموس، فهو ليس بريئًا كما يبدو.
المفردات سلاح، تُصاغ لتقتل أو تُحيي.
وإن شئت أن ترى الأمور كما هي، فلا تقرأ التقارير، بل اقرأ القبور، اقرأ القصائد، اقرأ وجوه الأمهات، واسأل الشعوب.
فما بين “الإرهاب” و”التحرر” فاصلة واحدة:
أن تملك الحق… أو أن تملك القوّة.