كلما اقتربنا من يوم الاقتراع للانتخابات النيابية ينصب سلوك السياسي على الانتخابات، ويبدي تفاعلا اكبر مع قضايا الجمهور حتى وان كانت تلك القضايا خلافا لمتبنياته الفكرية والسياسية، نعم ربما هذا امر طبيعي كونه يبحث عن الاصوات ويحاول تصويبها نحوه، لكن غير الطبيعي ان يتحول هذا السياسي الى ريبوت بيد من لديهم اصوات ويترك مهامه الاساسية ومنها الرقابة والتشريع اذا كان نيابيا او عمل تنفيذي اذا كان تنفيذيا، لتبدأ مرحلة « السبيس والتبليط ومحولات الكهرباء» وصولا الى مرحلة « البطانيات ووجبات الطعام» وحتما هنا سيكون للمال السياسي والنفوذ دور كبير في حصد الاصوات، مستغلين حاجة بعض الناس او ثقافتهم في الحصول من المسؤول على ما يمكن الحصول عليه.
وهنا ادخل السياسي «المرشح» تعريفا مضافا الى تعريفات السلوك السياسي، فلم يعد يُقصد به مجموعة الأفعال والتصرفات التي يقوم بها الأفراد أو الجماعات في المجال السياسي، والتي تعكس مواقفهم، ميولهم، ومشاركتهم في الحياة السياسية، بل تعداه الى « شطارة» وبذل الغالي والنفيس من اجل الكسب الانتخابي، بغض النظر عن طبيعة السلوك السياسي الذي يتبناه المرشح، حتى وان انقلب على عقبيه فيما يعتقد ويتبنى.
لم تسع القوى والاحزاب السياسية الى تثقيف جمهورها وان كان هذا الامر احدى مهام ووظائف الحزب السياسي، بل سعت وما تزال لتجهيل جمهورها وتحويلهم الى مجموعة منقادة بلا تفكير، اذ لم يقم اي حزب سياسي بتطبيق برنامجه الانتخابي سواء كان في الحكومة او المعارضة، ولم يجر اية مراجعة مع جمهوره فيما حققه وفيما اخفق في تحقيقه من هذا البرنامج الانتخابي، نعم مجرد كلمات وجمل وسطور تكتب سابقا في كراس وحاليا في الفيس بوك، كلام منمق مأخوذ من تجارب عالمية اخرى، ينتهي مفعوله بيوم الاقتراع ولا يسأل عنه احد لا المرشحين ولا الناخبين، بل بات في السنوات الاخيرة كمن «ان وجد لا يُعد وان غاب لا يُفتقد» حتى ان الجمهور اعتاد عدم سؤال المرشح او الحزب عن برنامجه الانتخابي، بل اصبح الاهم لديه هو ما يقدمه المرشح له «عينيا» من خدمات وقتية او حتى ترقيعية.يوما بعد اخر يتراجع الوعي الانتخابي لدى الناخب والمرشح وحتما المسؤول عن ذلك هو المرشح والحزب السياسي الذي سعى الى تبسيط آمال المواطن وطموحاته تجاه من ينتخبه من برنامج انتخابي متكامل يخدم عامة الناس والبلد، الى اشباع رغبات انية بسيطة جدا هي من المفترض ابسط حقوقه.