الزاوية التي يحتلها مقالي في جريدة «الزوراء» هي «هوامش»، والقصيدة الأشهر التي كتبها نزار قباني بعد هزيمتنا في حرب حزيران عام 1967 عنوانها «هوامش على دفتر النكسة». والنكسة هو الإسم المخفف الذي أطلقه الإعلام العربي آنذاك بقيادة الثنائي الفذ محمد حسنين هيكل وأحمد سعيد. وبينما كان سعيد فضيحة إعلامية متنقلة، فإن قلم هيكل الساحر يشبه صوت أم كلثوم الساحر الذي خدّر الأمة العربية على وقع أغنية «أصبح عندي الآن بندقية .. الى فلسطين خذوني معكم». مات أحمد سعيد وماتت ام كلثوم ومات محمد حسنين هيكل ومات جمال عبد الناصر، وماتت منيرة الهوزوز «هاي المرة مالها علاقة لكن حطيتها على الواهس»، وصارت الرحلات الى أوسلو ومدريد وفيينا وكوبنهاكن قديماً، والآن والحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه تقلصت المسافات بحيث صارت أبعد رحلة «إذا تكتل نفسها» الى مسقط.
المفارقة أن مقالي ليس على هذه القصص لكن مفردة هوامش جعلتني أستغرق في الماضي ناسياً الغد. والغد المقصود هو اليوم بالنسبة لهذا المقال، أي الأربعاء موعد نشره، بينما أكتبه الآن «الاثنين» فيما كنت أتهيأ «أمس الثلاثاء» للذهاب مع نائب رئيس التحرير عبد الهادي مهودر، وجاري في الصفحة الأخيرة الدكتور طه جزاع، وآخر الجيران في الصفحة الاستاذ محمد خليل، الى السليمانية بدعوة كريمة من فخامة الرئيس السابق الدكتور برهم صالح للمشاركة في المؤتمر السنوي الذي تقيمه الجامعة الأميركية في السليمانية. لكن الطائرة التي أقلتنا أمس الثلاثاء من بغداد الى السليمانية تضم عشرات المدعوين من بينهم مَن قمتُ بدور المنسق بمعونة ابني مصطفى خريج هذه الجامعة العام الماضي، بين معظم هؤلاء المدعوين وبين الجامعة، ومن بينهم الصحفي الكبير زيد الحلي، والدكتور كاظم المقدادي، ود. إحسان الشمري، ود . ياسين البكري، ود .حسين علاوي، والسيد عباس الموسوي، والأستاذ وائل الركابي، والدكتور علاء الحطاب، وآخر العنقود الدكتور زياد العرار. وآخر العنقود هذه لا يعرفها سوى الدكتور طه جزاع كون الصديق العرار آخر مَن وصلته الدعوة، فحمل لقب آخر العنقود !
تجَّمعنا في المطار عصراً بعد أن جئنا من كل حدب وصوب من بغداد الجميلة، وركبنا الحصان الطائر مع فهد بلان «الحصان بوينغ» ووصلنا سالمين، وها نحن في قاعة المؤتمر نستمع ونناقش «لابسين كل هدومنا».
أريد «ذكاءً اصطناعياً» يكتب مقالة استباقية مثل هذه ؟!