رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
مرثية متأخرة لأمة فقدت «الضاد»


المشاهدات 1190
تاريخ الإضافة 2025/03/25 - 11:03 PM
آخر تحديث 2025/03/31 - 7:29 PM

سقط العرب «أصحاب القضية» والمسلمون «أولاد عم أصحاب القضية» بالقاضية بل بالقاضيات. كلما تأملت طفلا من غزة في غزة، بلا حليب، بلا مأوى، بلا حياة، بينما توزع الوكالات والفضائيات صوره بكرم باذخ باكيا على جمهور المتفرجين، تذكرت أصحاب القضية الذين لم يعودوا يختلفون عن أصحاب الكهف بل الكهوف . أمتان «الله يجرم» واحدة  من 400 مليون، مليون ينطح مليون، والأخرى مليارية «يابوية أشكبرها .. مليار ونصف مليار مسلم». هل تعلمون يا سادة أن هاتين الأمتين أضاعتا «صول جعابهما»؟. أمتان  لا  تشبعان من البيانات والمؤتمرات والأجهزة والمنظمات «الجامعة العربية، المؤتمر الإسلامي، مؤتمرات القمة» لكن بلا قيمة ولا فائدة. في قصيدته «في محطة قطار سقط من الخريطة» يقول محمود درويش أيام كان في عز مجده شاعر المقاومة والنضال «كم  كنا ملائكة وحمقى حين صدقنا البيارق والخيول». الآن بعد ثلث قرن على قصيدة «سقط القطار من الخريطة» وبعد 17 عاما على رحيل درويش لم تعد لدى الأمة لا بيارق ولا خيول. نعود القهقرى الى المتنبي «لاخيل عندك تهديها ولا مال .. فليسعد النطق إن لم يسعد الحال». أي حال يا أبا محسد؟ دعك مع فارسك الجميل سيف الدولة «وسوى الروم خلف ظهرك روم .. فعلى أي جانبيك تميل». تساقطت البيارق فوق الخيول و«بالت» الخيول على الخرائط. كنت وحدك يا محمود، اعود الى محمود وأترك المتنبي يناجي سيف الدولة «وكثير من السؤال إشتياق.. وكثير من رده تعليل». أعود إليك يا محمود يا من كنت شاعر القضية أيام كانت قضية وكنت تصرخ «وكنت وحدي ثم وحدي أه يا وحدي». تتذكر يا محمود أيام «أحمد الزعتر» و «سرحان» الذي «يشرب القهوة في الكافتيريا»، أو الحصان الذي تركته وحيدا؟  أحمد الزعتر ما زال منسيا بين فراشتين، وسرحان. هل تريد أن تسأل عن سرحان بعد هذه العقود الطويلة أم تسأل سرحان «سرحان هل أنت قاتل؟». يصمت سرحان ثم «يكتب شيئاً على كُمِّ معطفه، ثم تهرب ذاكرةٌ من ملفَّ الجريمة.. تهرب.. تأخذ منقار طائر. وتأكل حبة قمح بمرج بن عامر». كم كنت مخدوعا يا درويش وكم كنا مخدوعين مثلك وبك وبأم كلثوم التي كان صوتها يهدر عشية الهزيمة عام 1967 «راجعين بقوة السلاح». أي سلاح يا «ثومة»؟ لم يعد ثمة سلاح. لقد «تكسرت النصال على النصال» كما يقول بطران الأمة الأكبر أبو الطيب المتنبي. لا ادري لماذا نعود الى المتنبي دائما؟ ربما لأنه الأكثر تعبيرا عن خيباتنا عبر العصور لا ينافسه في ذلك سوى أبي تمام القائل عند فتح عمورية «السيف أصدق أنباء من الكتب .. في حده الحد بين الجد واللعب». لم يعد للسيف قيمة بعد أن صار وزنه امام صرخة طفل لا خوفا من قذيفة بل بحثا عن «ممية» حليب، أو من شطر أمه المحلوب على مصائب هذه الأمة. لم يعد السيف أصدق أنباء من الكتب «ما  أصدق السيف إن لم ينضه الكذب» و«أكذب السيف إن لم يصدق الغضب» كما يقول عبدالله البردوني. لكن ماذا عن الأمة ياشعراء الأمة، الأمة التي فقدت «الضاد» من قواميس اللغة. وبكت «مثل النساء ملكا مضاعا  .. لم تحافظ عليه مثل الرجال».
 


تابعنا على
تصميم وتطوير