•يشهد سوق الذهب في العراق ارتفاعاً غير مسبوق في أسعاره، حيث تجاوز سعر المثقال الواحد حاجز الـ 600 ألف دينار، ما أثار تساؤلات عديدة بين المواطنين حول أسباب هذا الغلاء ومدى تأثيره على حركة السوق المحلية. وفي ظل هذه التطورات، أصبحت مسألة ضمان جودة الذهب المتداول أمراً بالغ الأهمية، خصوصاً مع تزايد الطلب على شراء الذهب كملاذ آمن للاستثمار وحفظ القيمة.
انطلاقاً من هذا الواقع، قامت «الزوراء» بزيارة إلى الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية التابع لوزارة التخطيط، الجهة المسؤولة عن فحص ووسم الذهب في العراق، للوقوف على الإجراءات المتخذة لضمان جودة الذهب المستورد والمُتداول في الأسواق، والتأكد من عدم وجود أي حالات غش قد تؤثر على المستهلكين والتجار على حد سواء.
في هذا التحقيق الصحفي، حاورنا الدكتور فياض محمد الدليمي، رئيس الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، وعدداً من المختصين في هذا المجال، لتسليط الضوء على آليات فحص الذهب، والتدابير القانونية المتخذة ضد المخالفين، بالإضافة إلى الجهود المبذولة في تطوير البنية التحتية للجهاز لمواكبة الطلب المتزايد وضمان تطبيق أعلى معايير الجودة العالمية.
* ما الدور الذي يقوم به الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، وأبرز مهامه؟
- الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية هو أحد تشكيلات وزارة التخطيط، وقد تأسس بموجب القانون رقم 54 لسنة 1979. يتكون الجهاز من ثلاث مديريات عامة، وهي: دائرة التقييس، ودائرة السيطرة النوعية، ودائرة الخدمات الفنية.
كل دائرة من هذه الدوائر لها مهام محددة تهدف إلى تحسين جودة المنتجات والخدمات المقدمة للمستهلك العراقي.
* نود التطرق إلى موضوع الذهب بشكل خاص، فكيف تتم عملية فحص ووسم الذهب داخل الجهاز؟
- لدينا مختبر متكامل لفحص ووسم الذهب وفق القانون رقم 83 لسنة 1976 المعدل، حيث يتم تحديد نوع الذهب ووسمه بعد إخضاعه لسلسلة من الفحوصات الدقيقة. كما أن هناك إجراءات أخرى داخل المختبرات للتأكد من عدم وجود أي حالات غش في الذهب المتداول.
* ذكرتم أن الجهاز افتتح أربع وحدات في المطارات، ما الهدف من هذه الخطوة؟
- بناءً على توجيهات دولة رئيس الوزراء، تم افتتاح أربع وحدات لفحص الذهب في المطارات الرئيسية، وهي: مطار بغداد، مطار النجف، مطار البصرة، ومطار كركوك. هذه الخطوة تهدف إلى السيطرة على سوق الذهب المستورد، وضمان دخوله وفق المعايير المعتمدة، حيث تم تجهيز هذه الوحدات بأحدث الأجهزة العالمية.
* كيف تتم إجراءات فحص الذهب المستورد منذ لحظة وصوله إلى العراق؟
- تبدأ العملية عند وصول الذهب إلى المنافذ الجوية، حيث يتم تسلمه من قبل الجمارك، ثم يرسل إلى وحدة الفحص الموجودة في المطار بحضور ممثل عن الجمارك. بعد ذلك، يتم وزن الذهب وتحديد نوعيته، ثم يخضع للفحص والتأكد من مطابقته للمواصفات المعتمدة. بعد الفحص، يتم وسم الذهب وإعادته إلى الجمارك ليكمل التاجر باقي الإجراءات المطلوبة.
* ماذا يحدث في حال اكتشاف حالات غش أو عدم مطابقة الذهب للمواصفات؟
- في حالة الاشتباه بعدم مطابقة الذهب للفواتير أو وجود أي تلاعب، يتم إرساله إلى المختبرات المركزية لإجراء فحوصات أكثر دقة. إذا ثبت وجود غش، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية وفق قانون وسم المصوغات رقم 83 لسنة 1976 المعدل، وقد تصل العقوبات إلى غلق المحلات أو السجن لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر.
* هل ساهمت وحدات الفحص في المطارات في تقليل زمن فحص المصوغات؟
- بالتأكيد، فقد كانت الإجراءات سابقاً تستغرق أكثر من ثلاثة أيام، وكان التاجر مضطراً لنقل الذهب من المطار إلى الجهاز المركزي وسط إجراءات أمنية مشددة. أما الآن، فإن العملية لا تستغرق أكثر من ساعتين إلى ثلاث ساعات، مما يسهل على التجار تسلم بضائعهم بسرعة.
* هل ما زالت مختبرات الجهاز المركزي ضرورية رغم وجود وحدات الفحص في المطارات؟
- نعم، الجهاز المركزي لا يمكنه الاستغناء عن مختبراته، حيث تُجرى فيها فحوصات الذهب للمواطنين وأصحاب المحلات، إضافة إلى تحليل حالات الغش التي يتم اكتشافها عبر المنافذ الحدودية أو في الأسواق، فضلاً عن القضايا التي تحال إلينا من المحاكم أو الجهات الأمنية.
* كيف تقيمون نوعية الأجهزة المستخدمة في الفحص؟
- نحن نحرص على مواكبة التطورات العالمية، ومرتبطون بالمنظمات الدولية في هذا المجال. الأجهزة التي تم شراؤها للمختبرات المركزية والمطارات هي من أفضل المناشئ العالمية، وتشمل تقنيات متقدمة مثل الوسم بالليزر وأحدث أدوات الفحص الدقيق.
* كيف يتم فحص الذهب الموجود في الأسواق؟
- لدينا فرق رقابية تقوم بزيارات دورية وعشوائية للأسواق، حيث يتم فحص المصوغات غير الموسومة، وإذا تبين وجود غش، تتم مصادرتها وتحليلها في مختبراتنا. يتم ذلك بالتعاون مع الجهات الأمنية مثل الأمن الوطني والجريمة المنظمة، لضمان عدم انتشار الذهب المغشوش في الأسواق.
* ما العقوبات التي تفرض على المخالفين؟
- هناك إجراءات قانونية صارمة تشمل غلق المحلات، وإحالة المخالفين إلى القضاء، وقد تصل العقوبات إلى السجن لمدة تصل إلى ستة أشهر، حسب نوع المخالفة.
* هل يتم السماح باستيراد الذهب عبر المنافذ البرية؟
- لا، استيراد الذهب مسموح فقط عبر المنافذ الجوية الأربعة المذكورة. في حال تم اكتشاف إدخال الذهب عبر المنافذ البرية، يتم اتخاذ إجراءات قانونية مشددة بحق المخالفين.
* كيف يتم تحديد عيار الذهب؟
- يتم تحديد العيار بناءً على معايير دقيقة، وتشمل الفحوصات مستويات نقاء الذهب، مثل 18، 21، أو 24 قيراطاً، وذلك باستخدام تقنيات متطورة وكوادر مدربة.
* هل لديكم حملات توعوية للعاملين في قطاع الذهب؟
- نعم، لدينا حملات إعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى دورات تدريبية وتوعوية للتجار والعاملين في هذا القطاع لتعريفهم بالمعايير والقوانين الخاصة بالذهب.
* هل هناك رسوم معينة على فحص الذهب في الجهاز المركزي؟
- نعم، هناك رسوم رمزية للفحص، بالإضافة إلى وجود حوافز للعاملين في الجهاز المركزي نظراً لطبيعة عملهم، حيث يتعاملون مع مادة ثمينة تتطلب دقة وحذر كبيرين.
* ما أبرز التحديات التي تواجه الجهاز في الوقت الحالي؟
- أبرز التحديات تتمثل في الحاجة إلى تطوير البنية التحتية وزيادة عدد الملاكات البشرية المدربة لمواكبة الطلب المتزايد على خدمات الفحص والوسم. لدينا خطط مستقبلية لتوسيع قدراتنا وتحسين الأداء.
* في الختام، ما رسالتكم للجمهور؟
- رسالتنا هي أن الجهاز المركزي يعمل من أجل حماية المستهلك والتأكد من أن الذهب المتداول في السوق مطابق للمواصفات. كما ندعو جميع التجار والمواطنين إلى التأكد من شراء الذهب الموسوم، وعدم التعامل مع مصادر غير موثوقة.
هذا وأجرت الزوراء جولة في بعض أقسام الجهاز للتعرف على عمل الكوادر وكيف تتم عمليات الفحص ووسم المصوغات كان أولها في قسم الوسم وفيه التقينا مجيد محمد وكما يلي:
* ما المقصود بالوسم ؟
- الوسم هو وسم المصوغات الذهبية أو الفضية او البلاتينية والوسم هو علامة لمعرفه وزن الذهب إن كان من الـ 24 أو 21 او الـ 18 هذه العلامة تثبت أن هذا الذهب من عيار 21 او 24 او 18 وهذا العيار يأتي حسب وزن قانون وسم المصوغات وعندما نرى ان الفحص تكون نتائجه سليمة ومطابقة فانه يتم واسمه بعياره الحقيقي .
* كيف تتأكد انه هذا الذهب سليم ؟
- يفحص بالعينات فعندما تأتينا العينة مثل مثلا هذه البتوت جاءت بالاستمارة مكتوبة عيار 21 بدورنا نفحصها حسب العيار المثبت بالاستمارة، وبهذا يأتينا المصوغ نفحصه فان كان يتحمل وسم ميكانيكي قوي صلب نفحصه بالماكينة وإذا كان خفيفا لا يتحمل وزن السمبا نفحصه بالليزر .
* هل لاحظتم ان هناك مصوغات تأتيكم خارج الحالة الطبيعية أي فيها غش مثلا او شيء معين من ذلك ؟
- الغش لا يتضح معنا وإنما بالعينات وقرارهم هو القرار الساري فإذا كانت 18 و 21 او 14 فهم هم الذين يحددون الاستمارة .
* هل لديك توصيات وأنت تعمل في هذا المكان العلمي الذي يتخذ فيه القرار النهائي ؟
- لدينا موقع للجهاز يلاحظون القانون وكيف نعمل وعليه يجب عليهم أن لا يشترون اي مصوغات إلا المسوغات الموسومة المؤشرة من قبل الجهاز وهذه الحالة طبيعية ومعترف بها من كل الجهات العلمية في العالم .
* ما نوع الوسم ؟
- الوسم بالعراق هو صورة الثور المجنح ويحمل الرقم الموجود فيه.
من جانبه تحدث لـ «الزوراء» المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي حول آخر أعمال الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ومتابعتها لعمل الجهاز، قائلا: لقد أعلنا كوزارة للتخطيط ان عمل الجهاز مستمر في متابعة وسم المصوغات وفحص الذهب الذي يدخل العراق، وقد أعلنت وزارة التخطيط، مؤخرا، فحص جميع أنواع الذهب ووسمه قبل دخوله إلى الأسواق.واضاف أن «هذا الإجراء جاء بعد دخول قرار مجلس الوزراء ذي الرقم (23671) لسنة 2023 حيز التنفيذ اعتبارا من الأول من شهر كانون الأول، و إن الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية تسلم كميات كبيرة من الذهب المستورد على شكل شحنات تم استيرادها من خارج العراق وقد تمكن من فحص ووسم جميع الكميات التي تسلمها، وتسليمها الى أصحابها، وان «دائرة التقييس في الجهاز، وفرت كل مستلزمات الفحص والوسم بوقت قياسي، من خلال استخدام الأجهزة الحديثة عالية الدقة في هذه العملية».واشار الى إن «قرار مجلس الوزراء حدد ان يكون الذهب المستورد من قبل شركة مسجلة لدى دائرة مسجل الشركات في وزارة التجارة الاتحادية، ومسموح لها بالتحويل التجاري عبر النظام المصرفي، على ان يكون استيراد الذهب من خلال المنافذ الجوية حصرا، وتقوم الهيئة العامة للضرائب بترسيمه، ويتولى الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية فحصه ووسمه، فيما تتولى الهيئة العامة للكمارك إجراءات حمايته وإيصاله الى الجهاز.
واوضح إن «الإجراءات الأخيرة التي تضمنها قرار مجلس الوزراء، ستسهم كثيرا في الحد من الغش، لان الذهب المستورد سيتم إرساله مباشرة الى الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، بحماية جمركية، لغرض فحصه ووسمه، قبل دخوله إلى الأسواق.