رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
من وحي القلب .. رؤية قرآنية جديدة لدور القلب وأثره في الإيمان والمعرفة الدينية


المشاهدات 1295
تاريخ الإضافة 2025/03/20 - 12:38 AM
آخر تحديث 2025/04/01 - 5:07 PM

يبدو أن رِحلتي مع القلوب في القرآن لم تنتهِ بعد .. وقد لا تنتهي بالفعل ! لأن حديث القلوب مرتبط بعالم المعنى والحقائق .. وهو عالمٌ وسيعٌ في آفاقه ، عميق في مستوياته ، بل هو لا متناهٍ في منازله ودرجاته ! وليس ذلك بخافٍ عن أهل القلوب وأرباب المقامات ! فكيف لِذي لُبٍّ أن يدّعي بأنه وصل الى خاتمة حديث القلب ونهاياته ؟! 
ومن المعلوم لدى القرّاء الأحبّة الكرام أن كتابي ( من وحي القلب ) الذي بحثتُ فيه أنواع القلوب في القرآن ، قد صدر قبل ثلاث سنوات تقريباً ، حيث ذكرت فيه أكثر من خمسين نوعاً من القلوب ، تحدّث عنها القرآن في صياغات ومضامين مختلفة ، سواء القلوب السليمة أم القلوب المريضة . 
لكن المهم الذي أحاول التركيز عليه في مقدّمة الطبعة الثانية لكتاب ( من وحي القلب ) هو أن الحديث عن القلب وأنواعه وصفاته لم يقتصر على البحث القرآني ، ولم يتحدد بحدود المعرفة التفسيرية في آيات القرآن ، وإنما إمتدّ ليشمل آفاقاً واسعة في الحياة الإيمانية عند الإنسان ، بجميع مستوياتها العقائدية والأخلاقية والشرعية ، وكان له بالغ الأثر في منظومة المعرفة الدينية أصولاً وفروعاً . 
في ضوء ذلك حاولت في جميع دروسي وأبحاثي ومقالاتي تأصيلَ المعرفة القلبية لعلوم الدين ، وبيان جذورها ، والوقوف عند معالمها ، وتتبّع آثارها ونتائجها ، سواء في البحث التفسيري أو الأخلاقي أو الفقهي أو العقائدي .
وبعبارة أخرى أنني وجدتُ من خلال التعمّق في بحث القلب حسب الرؤية القرآنية، أن جميع فروع المعرفة الدينية وجزئياتها ترجع في حقيقتها الى جذور قلبية ، أو يمكن قراءتها بنظّارة قلبية إن صحّ التعبير ، وبالتالي لا يمكن الوقوف على حقيقتها ومعرفة آثارها في حياة الإنسان المؤمن إلا من خلال ربطها المعرفي ببحث القلب ومعطياته ! وهذا هو السبب الكامن وراء الحديث القرآني الموسّع كمّاً ونوعاً عن القلب وأقسامه وصفاته في القرآن ! 
إستناداً لهذه الحقيقة فإنّي أؤمن من الناحية المعرفية على الأقل ، أننا بحاجة الى مراجعة شاملة وكاملة ومعمّقة لأصول الدين وفروعه ، والوقوف على مناشئها القلبية ، والإمساك بخيوط المعادلة المعرفية التي تحكم معارف الدين ومعطيات الوحي والرسالات السماوية إستناداً الى الإدراك القلبي ، وذلك من أجل تقديم رؤية متكاملة ذات تأثير عملي واضح ومباشر للدين في حياة الإنسان الظاهرية والباطنية أو المادية والمعنوية  ! 
ولعلّ ذلك - والله العالم - سيوفّر لنا حلاًّ مناسباً وعملياً للخروج من حالة الإنفصال أو الإنفصام - التي يعانيها الجزء الأكبر من أفراد المجتمع المؤمن - أي الإنفصال بين حياته الظاهرية وحياته الباطنية ، أو حياته الفقهية وحياته الأخلاقية ، أو حياته البدنية وحياته الروحية ، أو حياته الدنيوية وحياته الأخروية ! وذلك لأن المعرفة القلبية للدين ، والتي يؤصّلها المنهج القرآني ، لها القابلية على ربط جميع هذه المستويات بنظام معرفي إلهي محكم يسير بالإنسان في صراط التكامل ظاهراً وباطناً ، دنيوياً وأخروياً ، ويخرجه من حالة الإنفصال والإنفصام المذكورة .
في ضوء هذه الرؤية ، وإستناداً الى منهج المعرفة القلبية المشار إليه آنفاً ، تصدر الطبعة الثانية من كتاب ( من وحي القلب ) والتي تضمّنت بعض الإستداراكات والإضافات والأبحاث التي خلتْ منها الطبعة الأولى ، وهي كما يلي : 
- ️تم إستدراك نوعين جديدين من أنواع القلوب في القرآن ، وهما ( القلوب المتشابهة ) و ( القلوب الخيّرة ) . 
- ️تم إضافة بحث ( دور القلب في فهم القرآن وإدراك معطياته ) وهو بحث مقتبس من دروسنا في تفسير آيات الأحكام . 
- ️من أجل إبراز المضمون المعرفي للكتاب بصورة أوضح فقد قمنا بتغيير جزئي في عنوان الكتاب ، وذلك بإضافة عبارة ( رؤية قرآنية جديدة لدور القلب وأثره في الإيمان والمعرفة الدينية ) 
وفي ختام هذه المقدمة لا يفوتني أن أتقدّم بجزيل الشكر والإمتنان للأخوة والأخوات الأكارم الذين إهتموا بقراءة الكتاب واقتنائه والإستفادة من طرحه القرآني حول موضوع القلوب ، وأقدّر لهم ما أبدوه وأشّروه من الملاحظات العلمية والفنّية والصياغية التي كانت تصبّ في سبيل إخراج الكتاب بالصورة اللائقة والمناسبة لموضوعه ، والشكر الدائم أيضاً للأخوة الأعزاء في دار تراتيل للدراسات والأبحاث القرآنية على ما قدّموه من جهد مبارك في طبع الكتاب وإخراجه ونشره .. سائلاً المولى العليّ القدير أن يجعل ذلك ذخراً للجميع في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم .
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً .


 


تابعنا على
تصميم وتطوير