رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
لماذا يضرب العربي ولده بالعقال دون العصا ؟ ...العقال للهيبة والسدارة للأفندية واليشماغ للكل


المشاهدات 1192
تاريخ الإضافة 2025/03/12 - 10:21 PM
آخر تحديث 2025/03/24 - 5:46 PM

         كتب : محمد خليل كيطان
عرف العراقيون فن خياطة الملابس منذ القدم، وتدل النقوش السومرية والبابلية والآشورية على التنوع الكبير في الأزياء. 
في العهد السومري، كانت خيوط الصوف والكتان شائعة، وارتدى الكهنة في الربيع ملابس بيضاء مغطاة بشبكة سوداء من صوف الأغنام، ترمز لموسم الخير والتكاثر. 
ومع مرور الزمن، تم مزج الشبكة بالقماش الأبيض، فظهر الشماغ أو اليشماغ. وأضيفت له خطوط متموجة ترمز إلى مياه الأهوار، وخطان متوازيان يرمزان لدجلة والفرات.
يُقال إن أصل كلمة “شماغ” من السومرية “اش ماخ” بمعنى غطاء الرأس. 
وأشهر من ارتدى الشماغ والجراوية هو الملك السومري كوديا حاكم لكش عام 2146 ق.م. 
يشار ان سكان الأهوار ومعظم جنوب العراق ووسطه يرتدون الشماغ ذي الخطوط السوداء، بينما السادة العلويون يرتدونه بعد صبغه بالأخضر ، أما الصابئة المندائيون فكانوا يرتدونه بخطوط حمراء، وتُعرف النسخة البيضاء الخفيفة منه بـ”الغترة” أو “الچفية” وتُلبس صيفًا في الجنوب والغربية على حد سواء .
اليوم تُصنع الأشِمغة في الصين وبعض دول شرق آسيا، وتُعد بريطانيا وإيطاليا من أبرز منتجي الأشِمغة عالية الجودة. 
وأشهر من ارتداه من الأجانب الضابط البريطاني لورانس العرب، والجنرال كلوب الذي فرض ارتداء الشماغ على الجيش الأردني ، كما انتقل الشماغ العراقي إلى فلسطين وصار رمزًا للمقاومة الشعبية هناك.
الشماغ جامع لكل العراقيين بمختلف قومياتهم وطوائفهم، إذ يرتديه العرب، الكرد، التركمان، الإيزيديون، والكلدانيون ، يلبسه البعض مع العقال، بينما يلفّه آخرون على الرأس في شكل “چراوية” ويُقال إن العقال لم يكن موجودًا قبل 200 سنة، لكن الأب أنستاس الكرملي يؤكد أن العراقيين القدماء عرفوه قبل ولادة السيد المسيح بـ900 سنة، مستشهدًا بنص في سفر الملوك الثالث وهذا نصه : فلنشدد الآن مسوحاً على متوننا ونجعل حبالا على رؤوسنا .
والعراقيون استخدموا العقال لتثبيت الشماغ، وربطه بعضهم بالسوط الذي يسوق به الإبل، ومن هنا نشأ العقال العراقي. 
يُصنع العقال غالبًا من شعر الماعز، أما العقال الأبيض فمن وبر الجمال والعقال المقصب، الذي يُزين بخيوط ذهبية أو فضية، اقتصر على الملوك والأمراء وكبار الشخصيات.
وهناك الكوفية المصنوعة من القطن أو الكتان، وأشهرها الحمراء المقلمة بالأبيض أو السوداء المقلمة بالأبيض، ويُقال إن أصلها يعود إلى مدينة الكوفة في العراق 
والعقال كان يُستخدم أحيانًا للتأديب، إذ يُقال إن العربي كان يضرب أبناءه بالعقال بدلاً من العصا لعدم اذلالهم ، لان العصا مخصصة للحيوان فحسب .
اما الجراوية، فهي عمامة عراقية، تُلفّ حول الطاقية أو العرقجين. تختلف ألوانها في كردستان عن بغداد والجنوب. ويذكر الدكتور مصطفى جواد أن “الجراوية” محرَّفة عن “الكروية” نسبة إلى الكرة بسبب دورانها حول الرأس. ومن أنواع الجراويات:
•   العصفورية: تتألف من طيتين، سُمّيت نسبة إلى قدوري بن عصفور من محلة الفضل في بغداد.
•   لفة أبو جاسم: وهو احد الاشقياء في العهد العثماني ويميل فيها الشماغ للخلف، وتُظهر الجبين والحاجبين .
•   الشبلاوية: نسبة إلى محلة البوشبل.
•   المهداوية: خاصة بأهل محلة المهدية.
•   الكردية: يُوضع العرقجين المزخرف فوق الرأس، وتُلف فوقه لفة كبيرة من الشماغ.
خلال الحكم العثماني، كانت الفينة (الطربوش) من أهم أغطية الرأس، يرتديها التجار والجلبية ورجال الدين الذين يلفون حولها قماشًا أبيض أو أخضر. بعد نشوء الدولة العراقية، أراد الملك فيصل الأول تعزيز الهوية الوطنية، فاستبدل الفينة بالسدارة.
في إحدى زيارات الملك فيصل إلى أوروبا، زار مصنعًا للملابس في إيطاليا، حيث قُدمت له هدية عبارة عن سدارة أعجبته ، عاد إلى العراق وهو يرتديها، وأمر جميع اعضاء الحكومة والديوان الملكي والموظفين وطلبة المدارس بارتدائها، فأصبحت السدارة رمزًا وطنيًا وقبعة للافندية ، وسُميت بـ”الفيصلية” وصُنعت السدارة من القطن أو الصوف، واعتمدها الجيش والشرطة كجزء من الزي الرسمي.
عادت السدارة للظهور من جديد بعد عام 2003 الا انها صناعتها لم تكن بجودة عالية .
وكان قد ارتدى السدارة شخصيات بارزة مثل معروف الرصافي، الزهاوي، وعلي الوردي ، كما ارتداها رؤساء دول مثل رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو ، ومحمد علي جناح حاكم باكستان ، وملك المغرب الحسن الثاني. وغنّى لها مطربو بغداد مثل محمد القبانجي ويوسف عمر، الذي انشد “يا حلو يا أبو السدارة متيمك سويله چاره ”.


تابعنا على
تصميم وتطوير