ندى الحسناوي اسم برز في عالم الفن التشكيلي وحقق لنفسه مكانة مشهودة كإحدى الأسماء اللامعة التي رسمت بصمتها الخاصة في المشهد الفني. انطلقت من موهبة مبكرة وشغف كبير بالفن، حتى أصبحت اليوم واحدة من الفنانات التشكيليات الأكثر حضورًا في الساحة العراقية والعربية. في هذا الحوار، نتعرف على رحلتها الفنية، أبرز محطاتها، ورؤيتها لمستقبل الفن التشكيلي في الحوار التالي:
*لندخل الطريق من أوله ونسألك كيف بدأت رحلتك مع الفن؟
- وُلدت في النجف الأشرف عام 1968، ونشأت وسط عائلة ذات اهتمامات متنوعة بين الطب، الأدب، وإدارة الأعمال. لكنني وجدت نفسي منذ الطفولة منجذبة إلى الرسم. بدأت في سن الرابعة بنقل مشاهد الطبيعة المحيطة بي، مستلهمة إياها من الرحلات العائلية إلى بساتين بغداد ومناطقها المختلفة. في المدرسة، لاحظت المعلمات موهبتي في الرسم، وبدعم من عائلتي، حصلت على الأدوات اللازمة لتنميتها.
*حدثينا متى بدأ التطور الفني والتوجه نحو الاحتراف: ومتى أدركت أن الفن سيكون مسارك المهني؟
- منذ المرحلة المتوسطة، أصبح الرسم بالنسبة لي أكثر من مجرد هواية، بل حاجة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها. في المرحلة الإعدادية، ازداد شغفي، وكنت من المتفوقين في جميع الدروس التي تتطلب الرسم، حيث كنت أرسم الخرائط في مادة الجغرافيا، وأصمم النشرات المدرسية، إلى جانب لوحاتي الخاصة بالطبيعة والتراث العراقي.
*حدثينا عن الدراسة الأكاديمية والتأثيرات الفنية؟
- التحقت بأكاديمية الفنون الجميلة بجامعة بغداد عام 1991، قسم الفنون التشكيلية – فرع الرسم. طوال سنوات الدراسة، كنت من الأوائل بتقدير امتياز وجيد جدًا، وكان لي شرف التتلمذ على يد الفنان الكبير فائق حسن، الذي كان يوقع باسمه على بعض أعمالي بعد تقييمها، وهذا كان مصدر فخر كبير لي.
*البصمة الفنية والأسلوب التشكيلي كيف تصفين أسلوبك الفني؟
- بدأت من الواقعية والتعبيرية والانطباعية، ثم انتقلت إلى التجريد والحداثة. أرسم كل المدارس الفنية باستخدام مختلف التقنيات والخامات. لكنني أجد نفسي أكثر ارتباطًا بموضوعات القرويات المعاصرات، الحياة الجامدة، والطبيعة، إلى جانب الشناشيل البغدادية والمشاهد الريفية.
* ما أبرز المحطات في مسيرتك الفنية؟
- بدأت مشاركاتي الفنية منذ عام 1991 في مختلف المعارض المحلية والدولية، منها: معرض الفن العراقي المعاصر.
مهرجان بابل الدولي - معرض نداء الأمل - معرض الواسطي - مهرجان اليونان الدولي (2010 و2014).
معرض جماعي في لبنان، تونس، باكستان، والأردن.
جناح فني كامل في الأسبوع الثقافي العراقي بعمان 2006.
أقمت معرضي الشخصي الأول عام 2013 بعنوان «ألوان الندى»، والذي ضم 75 لوحة عن الطبيعة العراقية.
*لنتحدث الآن عن التحديات ودور الفن في المجتمع هل واجهت تحديات خلال مسيرتك الفنية؟
- بالطبع، خاصة خلال فترة النهب والسلب التي تعرضت لها المؤسسات الثقافية. لكنني مع مجموعة من الزملاء في دائرة الفنون التشكيلية، نجحنا في إنقاذ أكثر من 1000 عمل فني متحفي تعود لرواد الفن العراقي.
*ماذا عن التكريمات والمناصب واهم الجوائز ؟
- حصلت على عدة جوائز، منها:
جائزة مهرجان بابل الدولي 2001.
جائزة يوم العلم 1991.
جائزة العنقاء 2015 و2016.
جائزة أفضل فنانة تشكيلية مثالية 2017.
كما شغلت عدة مناصب، منها مسؤولية متحف الفنانين الرواد، وإدارة قسم المرسم الحر لمدة عشر سنوات.
*عن الرؤية المستقبلية ما هو طموحك الفني ؟
- أسعى للاستمرار في تطوير تجربتي الفنية، وإقامة المزيد من المعارض المحلية والدولية. كما أتمنى أن يُعاد الاهتمام بالفنانين من خلال اقتناء أعمالهم، وأن تشهد بغداد نهضة فنية من خلال وضع النُصب الجدارية في ساحاتها.
*كيف تتهيأ الذهنية عندما تسرع الخطى نحو مشغل الرسم ؟
- نحن نعرف بان أسس الرسم على وفق سياقاته المعتادة تعني المحافظة على الاتجاه ووضع لوحة الرسم على حامل الصور وكذلك استثمار المواد المصنعة خصيصا لأغراض الرسم دون أي تخطيات او مغامرات، وكذلك السعي لصناعة تصميم منسجم يستوفي لأغراض الرسم، ومشيد على الأسس السليمة في فن التصميم، وذلك باحتساب زوايا النظر ودراسة الافق والاهتمام بمساقط الإضاءة وانكسارات الظلال وتامين أعلى قدر من المشابهة والمطابقة مع الأصل في خارج اللوحة.
وندى الحسناوي سعت لابتكار ذاتها من خلال أسلوبيتها التي تزاوج بين الاتجاهين الواقعي والتعبيري فالسمات المميزة تنفعل من خلال انتباهها المكرس لإبراز القيم الفنية والجمالية في الملمح الذي تظفر به، وحين نقول إنها تزاوج بين النهجين الواقعي والتعبيري ذلك لأنها تجسد ملامح المشخصات دون مبالغة وعلى نحو يقبل التصديق ووضع الموازنات بين التراكيب والأجزاء وكذلك في خصائص الألوان وتداخلاتها المضفية على اللوحة قيما جديدة، فالمغزى الواقعي ليس بالضرورة ان يكون بمثابة محاكاة او ترديد امين للشكل المرئي في خارج اطر اللوحة بل انه محاولة على تخليق الملمح عبر آلية التحليق في فضاءات التخيل فالشكل الماثل في الخيال حتى إن بدا واضح المعالم ويقرا على نحو ما، بيد انه يمثل حالة ابتكارية من حيث التأثير الشكلي والمعالجات اللونية ذلك.. إن الفنانة يهمها أن تعيد إنتاج الملمح او الظاهرة العيانية، ولذا نجدها تعمل على ترشيق المشهد وتخليصه من زوائده وهذا ما نطلق عليه بواقعية الجوهر او الواقعية الانتقائية. وفي الجانب الآخر فإنها تتقصد الإبقاء على حركة يدها من خلال استخدام فرشاة الرسم او السكين الخاص بسحق الألوان.كل هذا يختمر في الخيال لتجسده الريشة وفق مجسمات واقعية وملموسة .