رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
قبل وبعد


المشاهدات 1162
تاريخ الإضافة 2025/02/19 - 8:43 PM
آخر تحديث 2025/02/22 - 9:41 PM

اعتدنا مع حضور مفردتي ( قبل - بعد ) ان نجد مقارنة في موضوع واحد بين زمنين او بين حالتين احداهما قديمة واخرى جديدة، وعادة ما تكون الجديدة افضل من القديمة، لذا تم وضع الحالة المراد بيانها في سياق قبل وبعد. 
هذا النسق مختلف في السلوك السياسي لعدد كبير من السياسيين العراقيين، اذ انهم “قبل” تسنمهم المنصب تجدهم يكثرون من ( السين ) قبل كلماتهم، سنعمل، سنقوم، سنكمل، سننجز، وهكذا هي احلامهم ووعودهم قبل الوصول الى موقع المسؤولية.
اما “بعد” تسنمهم المنصب فأول ما سيختفي لديهم هو (السين) وتبدأ رحلة البحث عن كلمات وجمل تحمل تبريرات لواقع الحال مع قليل مع الوعود والامل في سبيل “ تمشية “ الامور حتى انتهاء زمن المسؤولية، عندها يغيب هذا المسؤول ليظهر لنا عادة بعد فترة ليست طويلة، ومع ظهوره الجديد، نجد ان لغته تغيرت، اذ لا ( سين ) يسبقها، بل يجتهد هذه المرة ليطرح نفسه منظرا وعالما في مساحة اشتغاله السابقة، كاشفا قلة حيلته وكثرة الضغوطات عليه ابان تسنمه للمنصب، وهنا يتحول الى من سياسي الى سيناريست، يصوغ الحكايات ويربط الاحداث، ويوجه سهام الاتهامات والعتب والمسؤولية على اخرين ازاء فشله في عدم تحقيق ما كان يحدثنا به قبل تسنمه المنصب، وبرؤية اخراجية غير احترافية يقدم لنا نفسه بأنه ذلك المسكين الذي لم يكن يملك من امر نفسه شيئا، ولم يكن مخيرا، بل كان مسيرا في كل اداءه وحتى سلوكه.
وتأتي المرحلة الاخرى في حياة السياسي العراقي بعد خروجه من المنصب، عندما “ يمرغل “ نفسه في تراب منصات التواصل الاجتماعي ليكتب لنا كل ربع ساعة منشور ينتقد فيه الوضع السياسي برمته، طبعا ذاته الوضع الذي كان هو جزء منه، بل ومستفيد منه، او يحذرنا بقلق وخوف من قادم الايام، او في الغالب يتحول الى منجم يقرأ طالع احوالنا وما سيجري علينا من ويلات فقط دون الافراح، مع بقاء شخصية “ الحكواتي “ في نسق كل ما تقدم. 
وهذا النموذج بات يكثر هذه الايام، وبأمكانك وانت تقرأ هذا المقال ان تعدد في مخيلتك نماذج كثيرة، ومن المؤكد ان الحديث لا يشمل جميع السياسيين.


تابعنا على
تصميم وتطوير