محمد خليل كيطان
أيام العثمانيين، كانت العملة المتداولة في العراق هي الليرة العثمانية الذهبية  التي تعادل 7 غرامات وربع ذهب تقريباً , واستعمالها يقتصر على المعاملات النقدية الكبيرة, أما المعاملات الصغيرة فقد كانت تتم بوساطة المسكوكات الفضية والنحاسية.
العثمانيون سكوا النقود في بغداد والبصرة والموصل والحلة في دائرة اطلق عليها (السكة خانة) وشملت المسكوكات الليرة الذهبية والفضية والمجيدي والبارة والقرش ، ثم القمري الذي اخذ اسمه من صورة هلال شعار الدولة العثمانية وأشتهر المثل الذي يقول : ما عندي ولا قمري كناية عن الرجل المفلس العطال بطال. 
وحملت الليرة العثمانية اسم السلطان العثماني الذي سكت في عهده، فهناك الليرة الحميدية نسبة للسلطان عبدالحميد والليرة المجيدية للسلطان عبدالمجيد والرشادية للسلطان رشاد وكانت الليرة الذهبية الواحدة تساوي خمسة مجيديات فضية, ومائة قرش فضي.
وبسبب ظروف الحرب خرج العراق كباقي أجزاء الدولة العثمانية عن قاعدة الذهب, وكإجراء إستثنائي ولغرض تمويل إحتياجاتها العسكرية أصدرت الدولة العثمانية أوراقاً نقدية لإستعمالها بدلاً من الليرة الذهبية والنقود الفضية ، واجبروا الناس على استبدالها بالعملة الورقية ، الا ان اغلب الناس رفضوا ذلك واخذوا يخفون الذهب والفضة في جرار تحت الارض ،وتعرض الكثير من المصرفيين الى عقوبات وصلت للاعدام ومصادرة الاموال بسبب احجامهم من استبدال ( الذهب بالگواغد ) .
بعد انسحاب العثمانيين من العراق ودخول البريطانيين بحث الانكليز عن العملات الذهبية العثمانية وانتشرت حينها اخبار ( الجرار الذهبية ) واتهموا اي شخص يخفي الذهب بالخيانة العظمى والتعامل مع العدو .!!
وانتشرت العملة الهندية (الروبيّة) إبتداءً من عام 1914 ولا ادري لماذا جلب الانكليز الروبية الهندية كوسيلة للتعامل ولم يجلبوا الجنيه الاسترليني ؟ أذ يبدو ان السبب يعود الى سطوة جيش الهند البريطانية .
وإصدار الحاكم البريطاني أمراً ألغى بموجبه التعامل بالعملة النقدية العثمانية, لتبقى الروبيّة الهندية بصنفيها الورقي والمعدني واجزائها (الآنة والبيزة) هي العملة المتداولة في العراق  حتى نيسان 1932.
والمعروف ان المملكة العراقية تأسست في 23 آب 1921 وكان حلم الملك فيصل الاول ايجاد عملة وطنية للبلاد وبعد مداولات كثيرة ،قدم (ناجي السويدي) وزير العدل آنذاك إلى رئيس الوزراء السيد عبد المحسن السعدون في بتاريخ 12 ايار 1923 مقترحاً يقضي باصدار عملة وطنية , وذكرت تلك العملة في تشريع القانون الأساسي العراقي حيث نصت المادة (108) من الدستور العراقي الذي صدر عام 1925 على أن “يقرر نظام مسكوكات الدولة بموجب قانون”, وأخيراً وبعد نقاشات ومداولات لسنين دعت الحكومة العراقية في سنة 1930 السير ( إدوارد هيلتون يونك) العضو في البرلمان الإنكليزي لزيارة العراق وتقديم المشورة اللازمة حول هذا الموضوع, فإقترح مشروعاً لعملة جديدة تكون مرتبطة بالعملة الانكليزية الإسترلينية وتدار شؤونها من قبل لجنة مستقلة .
وافقت الحكومة على مقترحات يونك وضمنتها في قانون العلمة العراقية رقم 44 لسنة 1931 ، وكان الآتي: إبتداءاً من اليوم الأول من شهر تموز سنة 1931 يكون (الدينار) الوحدة القياسية للعملة في العراق ويساوي  تقريبا من حيث القيمة 7 غرامات ونص من الذهب الخالص ويؤلف من ألف فلس.
بعدها صدرت إرادة ملكية بتسمية لجنة العملة العراقية وتألفت من:
السير إدوارد هيلتون يونك رئيساً وعضوية كل من جعفر باشا العسكري والسير برترام هورنسبي والمستر جاكوب هيلاس هاسكل والفايكونت كوشِن.
بعدها صدرت إرادة ملكية تقضي بإصدار العملة الجديدة إبتداءاً من اليوم الأول من شهر نيسان سنة 1932. 
وتم تحديد سعرصرف العملة العراقية لقاء العملة الهندية هو ( 47 فلساً لكل روبيّة واحدة ) ، ويكون التبديل في العراق خلال مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر.
وبهذا أصبح للعراق عملته الرسمية الخاصة به كجزء من متطلبات بناء الدولة وخطوة في طريق تحقيق السيادة والإستقلال المالي والإقتصادي.
 وجاء  الاصدار الأول للعملة الورقية العراقيةعام  1932 بجميع الفئآت ربع دينار ونصف دينار  ودينار وخمسة دنانير  وعشرة دنانير ومئة دينار.
وكانت تطبع في مطبعة برادبري ويلكنسن في لندن ومن اهم مميزاتها انها تحوي على الجملة السحرية التالية: ورقة نقدية صادرة وقابلة للتحول الى ليرات انكليزية بموجب القانون رقم  44 لسنة 1931 ببغداد.
وكان فيها علامة مائية تمثل صورة الملك فيصل الاول .
وتزامن معها إصدار عملة معدنية من فئة 1 فلس و2 فلس و4 و10 و20 و50 فلس ايضاً وصدر حينها 
(الريال العراقي) ايضا الذي كان يساوي 200 فلس .
وسميت كل 4 فلس عانة والـ 20 فلس قران والـ 50 فلس درهم. 
وجميع الفئأت كانت تحمل صورة الملك فيصل الأول على وجه والمملكة العراقية والتاريخ على الوجه الاخر. وسكت العملة المعدنية في دار السك الملكية في بريطانيا Royal mint وكانت من تصميم البريطاني بيرسي ميتكالف والذي وضع الحرفين الأوليين من إسمه  PM على العملة تحت راس الملك.