بغداد/نينا /حوار ـ ريناس الراضي :
مع انتشار حملات الوعي والتثقيف للحد من العنف الاسري وارتفاع وشدة العقوبات القضائية التي تصل الى 3 سنوات لمرتكب الجرائم الاسرية إلا ان الأرقام المتعلقة بظاهرة العنف الأسري في العراق في تصاعد مستمر، حتى أصبح تداول الأخبار التي تتحدث عن هذه الظاهرة الخطيرة أمرا طبيعيا .
وفي الوقت الذي ينتظر ان يصادق فيه البرلمان على مشروع قانون مناهضة العنف الأسري في العراق الذي اقر قبل أكثر من 4 سنوات من قبل الحكومة، تشهد البلاد ارتفاعا ملحوظا في نسب الجرائم الناجمة عن العنف الأسري.
ومنذ اسابيع أعلنت مديرية حماية الأسرة والطفل القبض عن جد عنف حفيدته بشدة في كربلاء، وذلك بعد أن تناولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو تتعرض فيه طفله الى التعنيف الشديد، حيث تم اعتقاله بمذكرة قبض وفق (مادة 396، محاولة لواط وتعنيف).
وتتزايد حالات العنف الأسري في العراق بصورة مقلقة ومضطردة، دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج في ظل عدم وجود قانون يحد منها ويحمي ضحايا هذا العنف، وهم في غالبهم من النساء و الأطفال.
مدير حماية الاسرة والطفل من العنف الاسري اللواء عدنان حمود سلمان، اكد ان عقوبة العنف الاسري قد تصل الى 3 سنوات وتكون جنحا إذا ادى العنف الى كسر او عاهة في جسد المعنف ، كما انه في حالة تكرار حالات العنف يحال المتهم وفق المواد القانونية ت التي تضمن حبس من 6 اشهر الى سنة واذا كان هناك ضرر اوكسر تكون جنحة تصل الى 3 سنوات .
وفي حوار خاص للوكالة الوطنية العراقية للانباء / نينا / اوضح سلمان خطوات واجراءات ومعالجات حالات العنف الاسري في المجتمع العراقي، حيث اكد مدير حماية الاسرة والطفل ان هناك اجراءات احترازية قانونية في مديرية الاسرة والطفل تعنى بالمشاكل الاسرية وحلحلتها اما عن طريق الصلح والتراضي او اجراء دعاوى في اقسام العمل المختلفة البالغة ( 16 ) قسما بكل محافظات القطر، بالاضافة الى قسمين في جانب الكرخ والرصافة يستقبلان قضايا العنف الاسري ضمن نطاق الاسرة الواحدة على مدار الـ42 ساعة .
واشار سلمان الى « وجود الخط المجاني (139) والخط الاستجابة الفورية( 911 ) والذي يستقبل جميع دعاوى العنف الاسري وتكون الاجابة فورية من خلال رسالة الى القسم المعني واستحصال موافقات القضاء وتحرير المعنف والمعنفة والقاء القبض على المتهم واحالته الى القضاء وفق مادة قانونية مختلفة من قانون العقوبات العراقي 111 الذي لم يتم اقرار قانون حماية الاسرة والطفل لحد الان .
ويقول سلمان ان « مهمة دائرة حماية الاسرة والطفل من العنف الاسري، هي الوقاية من العنف الاسري والحد من جرائم العنف الاسري التي باتت مستشرية للاسف في المجتمع العراقي حيث يوجد لدينا ضباط اكفاء في علم النفس والاجتماع والقانون وكذلك منتسبون خريجون في كليات الانسانية لديهم جولات يومية في المدارس والكليات والمعاهد للتثقيف ضد العنف الاسري وتذكير العوائل العراقية بالدين الاسلامي السمح والتعاليم والتقاليد المجتمعية العرقية لاعادة اللحمة والترابط الاجتماعي لان القاعدة الاساسية لبناء المجتمع هي (ان صلحت الاسرة صلح المجتمع بأكمله) وجميع الدوائر مبنية على التربية السليمة للاسرة ولو كان هناك نظام صحيح لتربية الاطفال والاسرة لما وجدت هكذا اجهزة امنية لمكافحة الجريمة واساس صلاح المجتمع هي الاسرة «.
وأثار مشروع تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي أقر مؤخرا، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وتحت قبة البرلمان، ويأتي هذا الجدل كون تعديل هذه المادة سيجعل حضانة الطفل للأب، وهو ما يدفع إلى استغلال الأطفال في الخلافات الأسرية، ويزيد من حالات الطلاق في البلاد، وفق مشرعين.
ويتعامل القضاء العراقي مع حالات العنف الأسري وفق المادة (41- 1) من قانون العقوبات رقم (111 لسنة 1969)، الذي ينص، على أنه لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالا لحقٍ مقرر بمقتضى القانون، ويعد استعمالا للحق: 1–تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عُرفاً
ويؤكد سلمان في هذا الشأن اهمية اجراء الصلح والتراضي وهي غايتنا الاساسية لاعادة افراد الاسرة المتخاصمين الى جهة الصواب لان المتضرر الوحيد من هذه القضية هو (الطفل) إذا حدث الطلاق سيكون الاطفال في نزاع اما لدى الام او لدى الاب ويتربون على المشاكل وستترسخ في اذهانهم وتنعكس سلبيا على حياتهم عندما يكبرون .
وتابع سلمان: نحاول ان نحد من العنف الاسري من خلال جولاتنا المستمرة حتى في المناطق العشوائية ونثقف على اعادتهم الى الشريعة الاسلامية والاعراف والتقاليد بأن المرأة جزء من الرجل والرجل مسؤول عنها، ونحاول ان نوصل الى العائلة العراقية ان افراد الاسرة هم ليسوا ندا وانما هم واحد يكمل الاخر «.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قد حذرت من تبعات العنف المتمادي ضد الأطفال العراقيين، والذي يبلغ مستويات خطيرة، حيث ذكرت المنظمة في تقاريرها أن أربعة من بين كل خمسة أطفال في العراق يتعرضون للعنف والضرب.
وبالمقارنة مع الأعوام السابقة، يتضح أن ظاهرة العنف ضد الأطفال في تصاعد مستمر، ففي عام 2020، أعلنت وزارة الداخلية عن وقوع 12 ألف حالة عنف منزلي، وفي النصف الأول من عام 2022، تم معالجة 55 حالة تعنيف للأطفال، بالإضافة إلى إعادة 62 فتاة هاربة ورصد 22 طفلًا هاربًا.
وكشفت احصائية رسمية صادرة عن وزارة الداخلية في العام 2023 عن تنامي العنف الأُسري بأشكاله كافة في العراق، وقد وصلت إلى 100 حالة في العاصمة بغداد فقط.
وقد بلغت حالات القتل والتعنيف بناءً على احصائية وزارة الداخلية خمسة آلاف حالة عنف أسري في النصف الأول من العام الماضي، حيث كشف مؤخرا مجلس القضاء الأعلى عن 17 ألف حالة عنف أسري خلال عام واحد.
وأقرت الحكومة في عام 2020، مشروع قانون مناهضة العنف الأسري داخل مجلس الوزراء، وأرسلته إلى مجلس النواب الذي لم يتمكن من إقراره وسط تجاذبات ومخاوف وعراقيل من قبل لعض الكتل السياسية .