رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
أبرزها ساعة قطار في لندن وأخرى بسيدني ساعة قشلة بغداد وأخواتها في العالم


المشاهدات 1105
تاريخ الإضافة 2025/02/17 - 8:37 PM
آخر تحديث 2025/03/12 - 12:54 PM

الزوراء/ محمد خليل كيطان
لم تعرف بغداد أبراج الساعات العالية ، الا بعد عام 1861 عندما أمر الوالي العثماني نامق باشا ، الشروع بناء برج على ضفة نهر دجلة ، في رصافة بغداد.
والظاهر أن اكثر من مهندس وبناء اشرف على المشروع الذي استمر 10 سنوات ، وصولا الى عهد مدحت باشا الذي تسلم الولاية عام 1869 م .وطبيعي تم تشيد البرج وفق مخططات وقياسات مدروسة . وكل شيء كان محسوباً بدقة قبل الشروع بالبناء إذ تم اعداد غرفة ماكنة الساعة وغرفة الجرس بناءً على معلومات وقياسات ، كان يعرفها المهندسون بحيث تكون مناسبة وتتسع لحجم الساعة وجرسها الذي وصل ارتفاعه الى واحد متر وبقطر ثلاثة امتار . 
الشركة الانكليزية المصنعة للساعة هي شركة ( Gillett & Johnston جيليت اند جوهانستون كرايدن) التي تأسست عام 1844 م برئاسة وليم جيليت وهي شركة متخصصة بتصنيع الساعات ذات الابراج العالية وصب الاجراس الكبيرة ولديها عشرات الساعات المنتشرة في العالم .
والحقيقة ان هناك نسخ كثيرة مشابهة لساعة بغداد من حيث ماكنة العمل والواجهة الرئيسية للساعة ، ومن أشهرها ساعة محطة قطار بادينغتون في لندن التي تم نصبها 1854 في عهد الملكة فكتوريا وهذه الساعة لم توضع على برج كساعة بغداد لكنها وضعت على الجدار القريب من رصيف المحطة وهي بأوجه ثلاث فقط .
 وهناك ساعة عالمية اخرى  توأم لساعة بغداد ايضا ، هي ساعة المجلس المحلي لمدينة (سيدني) الاسترالية والتي وضع الحجر الاساس لها بوقت مقارب لساعة بغداد عام 1868 وشهدت هذه الساعة عمليات صيانة مكثفة ودخلت  لائحة التراث العالمي بعد مرو مائة عام على تصنيع الساعة وبناء البرج .والحقيقة ان ساعات بغداد وبادنتغتون وسيدني وغيرها من الساعات القديمة كان مبدأ عملها واحد فعند عملية التشغيل تتصل الساعة بالجرس عبر جسر صغير، ثم تتم عملية اعداد ونصب الساعة او بما يسمى شعبياً ( تكويك الساعة) يدوياً بواسطة ذراع كبير مشابه لمشغل السيارات القديمة( هاندر ) او  Starter crank  حيث تكفي عملية التكويك لتشغيل الساعة لمدة عشرة أيام ، فيما يبقى الجرس يرن لسبعة أيام فقط .
وكانت مهمة ملء نابض ساعة القشلة توكل الى العديد من الساعاتيين البغدادايين منهم المرحوم عبد اللطيف احمد الساعاتي المعروف (بلطيف الشايب) الذي كان 
يصعد سلماً حلزونياً من الخشب يحتوي على 73 درجة وكان هو المسؤول عن تنظيفها وتزييتها ايضا حتى وفاته عام 1978.
ويبدو ان ماكنة ساعة بغداد قد تغيرت اذ يظهر على جسم الساعة اليوم تاريخ 1927 وهو تاريخ زيارة الملك فيصل الاول الى لندن وذكرت بعض المصادر ان الملك جورج الخامس كان قد اهدى للملك فيصل الاول ماكنة ساعة جديدة بدلاً من القديمة التي كان قد مضى عليها في ذلك الحين 58 عاما.
والحقيقة ان برج ساعة بغداد هو معلم معماري يدخل العراق لأول مرة ، فالطراز المعماري العراقي يعرف أبنية عالية كالمنائر والقباب والأسوار خاصة في المساجد والعتبات المقدسة. 
الا ان برج الساعة أثار إعجاب المعماريين العراقيين فأقاموا أبراجاً وساعات في أبنية أخرى. 
فقد تم إنشاء برجين لساعتين في العتبة الكاظمية الشريفة عامي 1870 و 1882 م ، وهناك برج وساعة الحضرة الكيلانية الذي انجز عام 1898 م . وفي القرن العشرين تم إنشاء ساعة جامع الامام (أبو حنيفة) في الأعظمية عام 1930  ثم برجي وساعتي محطة السكك الحديدية في علاوي الحلة عام 1955 وابراج اخرى في الكثير من العتبات والمشاهد المقدسة.
ويذكر المؤرخون ان مدحت باشا استخدم  طابوق سور بغداد العثمانية لبناء برج قشلة بغداد بارتفاع يصل الى 23 متراً ،ويقوم على قاعدة مربعة طول ضلعها من الأسفل 4 أمتار، ثم يضيق تدريجياً على شكل هرم ليصل إلى مترين وثمانين سنتمترا في الأعلى. 
يعتلي برج الساعة سهم حديدي بشكل عمودي ، يرتبط في منتصفه بسهم حديدي بشكل أفقي متحرك بحيث يتوجه باتجاه الرياح ، وتحت السهم المتحرك يوجد سهم آخر ثُبت في طرفه حرف (N) الذي يشير إلى اتجاه الشمال وفي الطرف الآخر ثبت عليه حرف ( S)  الذي يشير إلى جهة الجنوب وبعد الإحتلال الانكليزي واحداث ثورة عام 1920 ومقتل الضابط البريطاني ( لجمن) وضع تمثال لاعرابي يمتطي جملاً فوق الساعة قيل انه يمثل ( لجمن ) وقد ازيل هذا التمثال بعد ثورة تموز 1958 . 
وتذكر المصادر التاريخية ان مبنى السراي كان عبارة مدرسة قديمة بناها الوزير موفق الخادم عام 1205 م أيام الخلفية الناصر لدين الله وبقيت هذه المدرسة زمنا طويلا تقدم الدروس الدينية والعلمية الى ان اندثرت واعيد بناءها لاكثر من مرة.
 وفي ايام العثمانيين عندما تسلم مدحت باشا ولاية بغداد كان مبنى السراي مؤلف من طابق واحد واضاف مدحت باشا طابقاً ثانيا تزامنا مع بناءه ساعة بغداد.
وتغيرت وظائف مبنى المدرسة الذي صار مبنى القشلة بتوالي الأحداث التاريخية على بغداد، فبعد حملة بلاد الرافدين ودخول الانكليز الى  بغداد 1917 رفع العلم البريطاني فوق برج الساعة ، ثم استعمل مبنى المدرسة  دارا للقيادة البريطانية وسكناً للضباط الانكليز وأسرهم، وبعدها في عام 1921م، توج الملك فيصل الأول في ساحة المبنى كأول حاكم للدولة العراقية الحديثة.
ثم استخدم المبنى مقرا لبعض الدوائر والوزارات ومجمع للمحاكم الجزائية والبدائية والدوائر التابعة لها ومديرية المعارف، التي تحولت إلى وزارة المعارف ثم وزارة التربية لاحقا.
والحدائق المحيطة بساعة بغداد تشكل معالم ثقافية وتراثية ذات اهمية كبيرة فهي تضم عدداً من المتاحف والمنتديات والمؤسسات اضافة لكونها تشهد يوم الجمعة وايام العطل تجمعات فريدة من نوعها لانشطة اجتماعية وثقافية وفنية تشكل صوراً مدنية واضحة لشعب مفعم بالاصالة والحياة.


تابعنا على
تصميم وتطوير