رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
تحليل قرار مجلس القضاء الأعلى دستورياً وموضوعياً وقانونياً وانعكاسه على عمل القضاء


المشاهدات 1581
تاريخ الإضافة 2025/02/05 - 8:44 PM
آخر تحديث 2025/03/13 - 7:21 AM

حسين الفلوجي
أولاً: التحليل الدستوري
1. الاستناد إلى الدستور
استند مجلس القضاء الأعلى في قراره إلى المادتين (93/أولاً) و(129) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، اللتين تنصان على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا في الرقابة على دستورية القوانين، وتحديد سريان القوانين بعد نشرها في الجريدة الرسمية.
أكد القرار أن الطعن بعدم دستورية أي قانون لا يكون إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية، وهو ما استقر عليه قضاء المحكمة الاتحادية العليا في قراراتها السابقة.
2. مبدأ عدم تعطيل القوانين
نص الدستور في المادة (129) على أن القوانين تسري بعد نشرها، وبالتالي لا يجوز إيقاف تنفيذها أو التريث بها إلا بقرار من المحكمة الاتحادية العليا بعد نشرها في الجريدة الرسمية.
بناءً على ذلك، فإن إصدار المحكمة الاتحادية العليا أمراً ولائياً بإيقاف تنفيذ القوانين قبل نشرها يعد مخالفاً للدستور، لأنه يمنح الأوامر الولائية سلطة تعليق القوانين قبل دخولها حيز النفاذ.
ثانياً: التحليل الموضوعي
1. مبدأ الفصل بين السلطات
يشير القرار إلى تجاوز المحكمة الاتحادية لصلاحياتها من خلال إصدار أمر ولائي يعطل قوانين لم تُنشر رسمياً بعد، وهو ما قد يُفسر بأنه تدخل في عمل السلطة التشريعية، ويخل بمبدأ الفصل بين السلطات.
القرار يعزز دور القضاء في حماية القوانين النافذة، لكنه في الوقت ذاته يضع حدوداً واضحة للسلطة القضائية حتى لا تتدخل في العملية التشريعية قبل اكتمالها.
2. التناقض مع السوابق القضائية
أشار مجلس القضاء الأعلى إلى قرارات سابقة للمحكمة الاتحادية العليا (قرار 88/2016 وقرار 31/2018) التي أكدت على ضرورة نشر القوانين أولاً قبل الطعن فيها دستورياً، مما يجعل الأمر الولائي الأخير مخالفاً لهذه السوابق.
3. الطبيعة المؤقتة للأوامر الولائية
الأوامر الولائية تصدر لحالات مستعجلة وفق قانون المرافعات المدنية (المادتين 151 و152)، لكنها ليست أحكاماً نهائية أو ذات حجية باتة.
مجلس القضاء الأعلى انتقد المحكمة الاتحادية لمنح أمرها الولائي صفة الإلزام والباتّية، وهو ما يتعارض مع طبيعة الأوامر الولائية التي يمكن الطعن فيها بالتظلم أو التمييز.
ثالثاً: التحليل القانوني
1. التعارض مع قانون المرافعات المدنية
قرار المحكمة الاتحادية العليا استند إلى قانون المرافعات المدنية في إصدار الأمر الولائي، لكن المجلس أشار إلى عدم مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في القانون، حيث ينص المادة (153/مرافعات) على أن الأوامر الولائية يجوز الطعن فيها بالتظلم أو التمييز، بينما جعلتها المحكمة الاتحادية نهائية وملزمة.
2. استمرارية تنفيذ القوانين
القرار يوضح أن المحاكم ملزمة بتطبيق القوانين المصوت عليها من قبل مجلس النواب ما دامت لم تُلغَ أو يُطعن فيها دستورياً بعد نشرها.
يشير إلى أن المادة (129) من الدستور تحظر تعطيل تنفيذ القوانين إلا في حالة وجود قرار بات بعدم دستوريتها.
رابعاً: انعكاسات القرار على عمل القضاء
1. تعزيز سيادة القانون
القرار يرسخ مبدأ أن القوانين لا يمكن تعطيلها قبل نشرها، مما يعزز الاستقرار القانوني ويمنع أي تدخلات قد تؤدي إلى تعطيل القوانين من قبل السلطات القضائية بطريقة غير مبررة.
2. تقييد صلاحيات المحكمة الاتحادية
القرار قد يفتح باب النقاش حول صلاحيات المحكمة الاتحادية العليا في إصدار الأوامر الولائية، حيث يضع حدوداً واضحة لمدى إمكانية استخدامها لتعليق القوانين.
3. حماية استقلالية القضاء
يوضح المجلس ضرورة التريث في التدخل في العملية التشريعية، مما يعزز الحياد القضائي ويمنع استغلال الأوامر الولائية لتعطيل عمل مجلس النواب.
4. تقليل التدخلات القضائية غير المبررة
قد يؤدي القرار إلى تقليل طلبات إصدار الأوامر الولائية لتعليق القوانين قبل نشرها، مما يضمن عدم استخدام القضاء كأداة لتعطيل التشريعات.
الخلاصة
قرار مجلس القضاء الأعلى يعكس التزاماً بالدستور ويعيد التأكيد على أن تعليق القوانين لا يجوز قبل نشرها. كما أنه يضع ضوابط قانونية لمنع المحكمة الاتحادية من استخدام الأوامر الولائية بطريقة تتجاوز اختصاصها. انعكاسات القرار ستؤدي إلى تعزيز الاستقرار القانوني، وضمان عدم تعطيل القوانين دون مبرر دستوري، وحماية التوازن بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية).
 


تابعنا على
تصميم وتطوير