رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الفنان عزيز خيون.. من قريته الفلاحية إلى قمة الفن المسرحي


المشاهدات 1006
تاريخ الإضافة 2025/01/20 - 8:32 PM
آخر تحديث 2025/01/21 - 11:31 AM


•في رحلة حياة مليئة بالتحديات والتحولات، برز الفنان عزيز خيون كواحد من أبرز رموز المسرح العراقي، مشكِّلًا بحضوره الفريد وإبداعاته نافذة مشرقة على الثقافة والفن. وُلِد خيون عام 1947 في قرية بسيطة بقضاء الرفاعي بمحافظة ذي قار جنوب العراق، ونشأ في كنف عائلة فلاحية غير متعلمة. ورغم بساطة النشأة، عكس انتقاله المبكر إلى مدينة البصرة ثم إلى بغداد والنجف، تنوعًا ثقافيًا أسهم في صياغة شخصيته الاستثنائية.
بناؤه التكويني
في النجف، المدينة التي وصفها بـ«البناء التكويني» لشخصيته، غاص خيون في عوالم العلم والأدب، متأثرًا بالمجالس الدينية والمهرجانات الثقافية، ليجد في هذه البيئة الغنية منصة لانطلاقاته الفنية والأدبية. ورغم ولعه بالفنون التشكيلية، قاده شغفه العميق إلى المسرح، ليختار دراسة الفنون المسرحية في أكاديمية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، متحديًا الظروف المادية الصعبة ومعارضة عائلته.
كان خيون على خشبة المسرح قبل دخوله الأكاديمية، حيث تدرب مع فرقة مسرحية بقيادة إبراهيم جلال وشارك في أعمال متميزة مثل المسيح يصلب من جديد وعلاء الدين والمصباح السحري، مما أكسبه خبرات مبكرة أسست لمسيرته الفنية الباهرة.  
بهذه الروح المفعمة بالإصرار والشغف، أصبح عزيز خيون رمزًا للالتزام الفني والثقافي، حيث لم تقتصر أعماله على تقديم الفن، بل جسدت انعكاسًا حقيقيًا لواقع الإنسان العراقي وتطلعاته.
النشأة والبدايات
تعلَّم خيون القراءة والكتابة وحفظ أجزاء من القرآن الكريم قبل دخوله المدرسة، حيث اكتُشفت موهبته في ترتيل القرآن. برز في المدرسة الابتدائية بقراءة الأناشيد الوطنية وتقديم الاحتفالات. لاحقًا، انتقل إلى بغداد ثم إلى النجف بعد حادثة صبغت طفولته، وأكمل تعليمه في بيئة ثقافية ودينية غنية أثرت عليه بعمق.
التأثير النجفي
كانت النجف نقطة تحول في حياة خيون، تعرَّف في مدينة العلم والأدب على المجالس الدينية والمهرجانات الثقافية، مما عزز شغفه بالمطالعة والفنون. خلال دراسته في متوسطة الأحرار وإعدادية النجف، وجد من يُلهمه في مجالات الإنشاء والرسم، وبدأ بالتعبير عن ذاته في الرسم والأدب.
متى فكر بدخول عالم المسرح ؟ 
رغم موهبته في الفنون التشكيلية، اختار خيون دراسة الفنون المسرحية في أكاديمية الفنون الجميلة بجامعة بغداد. هذا القرار خلق صراعًا مع عائلته، لكنه أصرّ على شغفه بالمسرح، وعاش ظروفًا مادية صعبة لمتابعة دراسته.
بدأ انخراطه في المسرح قبل الأكاديمية، حيث تدرب مع فرقة مسرحية بقيادة إبراهيم جلال وشارك في أعمال مثل «المسيح يصلب من جديد» وعلاء الدين والمصباح السحري مما أكسبه خبرة مبكرة أهلته لدخول الأكاديمية.
الإذاعة: الأكاديمية الثانية
وصف خيون دخوله إذاعة بغداد عام 1970 بالصدفة التي غيّرت حياته. رغم أن الحافز كان ماديًا في البداية، أصبحت الإذاعة أكاديمية ثانية له، حيث تعلم الفصحى والإلقاء والمونتاج والإخراج. أبدع في تقديم البرامج وتمثيل التمثيليات الإذاعية، مما منحه شهرة واسعة. أشار إلى أن تجربة الإذاعة كانت لها هيبة خاصة، ساهمت في صقل مهاراته وتطويره كفنان شامل.
المسرح: منقذ الحياة
اعترف خيون بصراحة أن المسرح أنقذه من حياة الفوضى التي ربما كانت ستقوده إلى مصير آخر، قائلاً: لولا المسرح لكنت مجرمًا أو قاتلاً وعبرّ عن امتنانه للفن الذي شكَّل هويته، وبرز في أعماله المسرحية التي تجاوزت حدود العراق، مشاركًا في مهرجانات عربية ودولية وحائزًا على جوائز مهمة.
عواطف نعيم: شريكة الحياة والإبداع
تحدث خيون للزوراء عن زوجته الفنانة عواطف نعيم بفخر وامتنان، واصفًا إياها بأنها (القسمة والنصيب) التي نظمَّت حياته. أكد أن دعمها كان أساسيًا، حيث تفهمت طبيعة عمله الفني وساهمت في استقراره.
رسالته للثقافة والفن
رغم إنجازاته الكبيرة، أعرب خيون عن استيائه من التهميش الذي تعرض له في السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى إقصائه من مهرجان بغداد عاصمة الثقافة لعام 2013. وختم حديثه بمناشدة الجهات الثقافية بعدم نسيان الفنانين العراقيين الذين يمثلون إرثًا ثقافيًا لا يُقدَّر بثمن.
أولى أعماله
في سؤال عن أعماله الأولى، اجاب خيون حديثه بالإشارة إلى مسيرته الفنية التي شهدت محطات متنوعة، كان أبرزها عرض جنون الحمائم الذي قُدِّم على مسرح المنصور. العمل من تأليف وإخراج الدكتور عوض نعيم، وحقق نجاحًا كبيرًا، حيث لاقى استجابة طيبة من الجمهور والنقاد على حد سواء. وأكد الفنان أن الهدف من هذا العمل كان ليس فقط تقديم تجربة تمثيلية مميزة، بل أيضًا السعي إلى خلق حوار مع الجمهور من خلال القضايا التي يطرحها.
المشاركة الدولية وتأثيرها
انتقل الفنان للحديث عن دعوته للمشاركة في مهرجان الإسكندرية الدولي للمسرح، حيث قُدِّم عملا من إخراجه على منتدى المسرح في بغداد. أوضح خيون أن هذه التجربة كانت فرصة ذهبية للتعرف على أنماط مسرحية جديدة والتفاعل مع طاقات شبابية عربية. كما أشار إلى الورشة التي قدّمها في المهرجان حول (الصوت وفن الممثل)، والتي استمرت ثلاثة أيام، وحققت تفاعلًا إيجابيًا من المشاركين.
مهرجان الرياض والمسرح بين الثقافات
الحديث مع خيون تناول أيضًا تجربته كعضو لجنة تحكيم في مهرجان الرياض المسرحي، الذي شهد مشاركة عروض متنوعة من السعودية وقطر والكويت. أثنى خيون على مستوى الدعم الذي يحظى به المسرح في السعودية، مشيرًا إلى أهمية التعاون العربي في تطوير المسرح. كما أكد أن هذه المشاركات تُسهم في بناء جسور ثقافية بين الدول العربية.
فلسفة الفنان في المسرح
يرى عزيز خيون أن المسرح ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو مساحة للحوار والتفاعل الثقافي، وأنه يمكن أن يكون أداة للتغيير الاجتماعي. يؤمن بأن النجاح في المسرح يتطلب محاولات مستمرة وتحليلًا دقيقًا للعناصر المسرحية المختلفة، من تمثيل وإخراج وإعداد نصوص.
آخر مشاركاته
شارك الباحث المسرحي العراقي عزيز خيون مع ثلاثين فنانا عراقيا نهاية الاسبوع المنصرم في مهرجان  ليلى العربية للمسرح العربي الذي أقيم في مسقط، كضيف مميز للمهرجان، حيث قدم إسهامات فكرية قيّمة من خلال مداخلات نقدية وأوراق بحثية. تناولت مشاركته تحليلًا معمقًا للسوداوية في المسرح العربي عبر تقرير شامل نشر جزء منه خلال الفعاليات.  
وقال : كانت هذه المشاركة فرصة للتفاعل مع مختلف ضيوف المهرجان، سواء من المسرحيين العرب أو العمانيين، ولتعزيز الحوار حول قضايا المسرح العربي وأحدث التجارب والعروض المسرحية. كما مثّل المهرجان سوقًا للتعارف وتبادل الأفكار حول تطورات الحركة المسرحية عربياً.


تابعنا على
تصميم وتطوير