دخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ رسمياً الأحد الماضي، وذلك عقب إعلان حكومة الإحتلال الإسرائيلي تسلمها أسماء ثلاث محتجزات تمّ الإفراج عنهنّ ذات اليوم، وبدأ آلاف النازحين بالعودة إلى “منازلهم” في القطاع. وتمّ التوصّل إلى وقف إطلاق النار في غزة برعاية الولايات المتحدة وقوى إقليمية ، وبموافقة من إسرائيل وحماس وتضمّن الاتفاق خطّة مكوّنة من ثلاث مراحل ، بدأ تنفيذ جزئها الأوّل أوّل أمس الأحد بإطلاق سراح ثلاث رهائن إسرائيليين مقابل 90 معتقلا وأسيرا فلسطينيا في سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني، وينصّ الاتفاق على أن تقوم “حماس” بإطلاق سراح الرهائن على مدى ستة أسابيع ، بوتيرة سراح ثلاث رهائن على الأقل أسبوعيًا، مع الإفراج عن البقية قبل نهاية الفترة المحدّدة وسيتم الإفراج أولاً عن الرهائن الأحياء ، ثم تسليم رفات الرهائن المتوفين . وجاء اتفاق وقف إطلاق النار بعد عدوان مدمّر على قطاع غزّة والضفة الغربية دام أكثر من 15 شهرا وتسبّب في مقتل وإصابة أكثر من 150 ألف فلسطيني وأزيد من 11 ألف مفقود ودمار هائل للبنية التحية والصحية والمنازل ومجاعة أودت بحياة عدد من الأطفال والمسنّين الفلسطينيين في واحدة من أسوأ وأبشع الكوارث الإنسانية على مدى التاريخ . ويقدّر الملاحظون بأنّ حرب غزةّ استنزفت بشكل كبير جيش الاحتلال الاسرائيلي ، وفاقمت في المقابل معاناة المدنيين الفلسطينيين. ونقدّر أنّ وقف إطلاق النار وصفقة الرهائن تقدمان فرصة سانحة لإعادة تشكيل الحكم في غزة وربّما في الضفة الغربية أيضا بما يعطي أفقا سياسيا لهذه الهدنة الوقتية ، وهو ما قد يفسّر مسارعة كلّ الأطراف إلى إعلان فوزها في هذه الحرب المدمّرة وذلك لفرض شروط ما يسمّى بـ” اليوم التالي “ لوقف إطلاق النار. وانتشر رجال شرطة تابعون لـ”حماس” ، في بعض المناطق بعد شهور من الغياب الميداني وذلك في محاولة للتأكيد على أنّ الحركة تمسك بخيوط اللعبة في القطاع وفي المقابل تصرّ دولة الاحتلال على إنهاء الوجود السياسي لحماس بعد إضعافها عسكريا. ويبدو أنّ الأهداف المتناقضة والمفارقات في سلوك ومطالبات إسرائيل تزيدان في تعقيدات الاتفاقيات الأخيرة التي أبرمتها مع “حماس“، ويتبيّن كلّ يوم أنّ أهداف الاحتلال في الإنهاء السياسي للمقاومة بدا صعب التحقيق، وأنّ المتاح الممكن هو إضعاف هذه المقاومة بما قد يعيد ترتيب الأوضاع في غزّة، وتلزم صفقة الرهائن إسرائيل بقبول إقامة حكم بديل في غزّة، وترفض هذه الأخيرة أن يكون لحماس أيّ دور مستقبلي في القطاع، بل هي تنمر هذا الحقّ على السلطة الفلسطينية أيضا.